منصور الشلاقي

قليلا من الذوق العام!

الخميس - 07 نوفمبر 2019

Thu - 07 Nov 2019

لم يكن أحد يتوقع أن يتم تطبيق لائحة الذوق العام واعتمادها بهذه السرعة، وبهذه الصرامة في كل مناطق المملكة، وذلك لأسباب منها حداثة اللائحة، واستبعاد تطبيق غراماتها على المواطنين في هذا الوقت، لأننا تعودنا في فترات سابقة لأنظمة مماثلة أن تأخذ وقتا في التنفيذ والتطبيق، حتى بدأت وسائل التواصل الاجتماعي وبرنامج الواتس اب تتناقل أخبار تطبيق غرامات مالية بحق مخالفي لائحة الذوق العام، ونشر البعض ممن حررت بحقهم المخالفات صورا وتسجيلات صوتية، تأكيدا على تطبيق اللائحة وتحذيرا لأفراد المجتمع من الخروج والتجول في الشوارع والمولات التجارية بملابس داخلية تخدش الذوق العام.

اللائحة في مجملها صائبة وحظيت بمباركة من غالبية أفراد المجتمع الذين ينبذون العادات والتصرفات الدخيلة على مجتمعنا المحافظ على عاداته الأصيلة وقيمه النبيلة، ولأن تطبيقها جاء في وقت ظهرت فيه الكثير من السلوكيات والتصرفات الخادشة للحياء، والمخلة بالآداب العامة، ولم يعد للتوعية دور في تغيير تلك التصرفات والسلوكيات التي ينتهجها بعض المراهقين، فكان لزاما على جهات الاختصاص إيجاد لائحة تؤدب سلوكيات المراهقين؛ وهو ما حصل قبل أيام، إذ تم تطبيق لائحة الذوق العام على المخالفين في عدد من المخالفات التي حددتها اللائحة لتحد من تفشي هذه السلوكيات والتصرفات غير المسؤولة، وحتى لا تصبح في يوم من الأيام ظاهرة مزعجة تسيء للذوق العام وتخل بالآداب العامة وتتمرد على العادات والتقاليد وتغير من هوية المواطن السعودي، وتعطي صورة وانطباعا سيئين عن عادات وقيم مجتمعنا المحافظ الذي يعتز بقيمه وعاداته وهويته الفريدة، بسبب ما يقوم به البعض من سلوكيات خاطئة، سواء في اللباس أو الحركات تقليدا لمشاهير أجانب ومواكبة لما يسمى بصيحات الموضة غير آبهين بسلبيات وتبعات هذا التقليد الأعمى وتأثيره على الأجيال حاضرا ومستقبلا.

البعض يؤيد تطبيق هذه اللائحة ويرى ضرورة الاستمرار في تطبيقها دون تهاون للقضاء على التصرفات الخارجة عن الذوق العام، والبعض الآخر يرى أن تطبيقها أمر مجحف بحقهم، وأن اللائحة طبقت لتحرير المخالفات، وتسجيل أكبر قدر منها لتصب مبالغها في خزينة الجهة المسؤولة بحسب تفكيرهم وحسبما يتداول ويذكر في المجالس ومواقع التواصل الاجتماعي، وكلا الفريقين له تبريراته ووجهة نظره الخاصة به.

ويرى كثير من مؤيدي لائحة الذوق العام أن تطبيقها على مراحل يكون أفضل، بحيث يبدأ التطبيق بالتنبيه الشفهي لمخالفي الذوق العام وتوضيح أن الملاحظة التي يلاحظها الشرطي على الفرد هي مخالفة ضمن مخالفات لائحة الذوق العام، وأن غرامتها بمبلغ كذا ما لم يتدارك الخطأ، وتكون هذه المرحلة لمدة ثلاثة أشهر على سبيل المثال، ثم يبدأ التطبيق الفعلي برصد وتحرير جميع المخالفات بشكل تدريجي بداية من المخالفات الكبيرة المزعجة حتى الوصول إلى المخالفات الصغيرة كثوب النوم، وهناك كثيرون يعيشون في مراكز وقرى نائية بعيدة عن الإعلام ولا يعلم أهلها جيدا عن هذه اللائحة، وإن سمعوا عنها فإنهم لا يعرفون تفاصيلها بالكامل.

كم نحن مستاؤون من بعض التصرفات والسلوكيات الدخيلة على مجتمعنا، والتي يصل بعضها إلى درجة مقززة تجعل الشخص يخجل من مشاهدتها فكيف بفعلها! حتى نكاد نستوقفهم ونقول لهم: لو سمحتم قليلا من الذوق العام، ونعي تماما أن تلك الأفعال لن تختفي إلا بقوة النظام، ولكن لتكن هناك موازنة ما بين التوعية وتطبيق الغرامات المالية.

@MansoorShlaqi