كائنات لا شيئية!
سنابل موقوتة
سنابل موقوتة
الثلاثاء - 05 نوفمبر 2019
Tue - 05 Nov 2019
كثير من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين عاشوا طويلا يدعون قومهم، ولم يجدوا من المؤمنين برسالتهم المتبعين للحق الذي جاؤوا به إلا نفرا قليلا. وهذا لا يعني أن مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي أكثر إقناعا منهم، لكن الناس غالبا يتبعون من يقول لهم ما يريدون سماعه، الحقيقة في الغالب لها طعم مر بعض الشيء لا يستسيغه الناس ولا يتقبلونه بسهولة.
مسألة الكثرة والقلة ليست معيارا للحقيقة، وهذه من الواضحات التي لا تحتاج جهدا لتوضيحها، لكن هوس الناس بالمشاهير بلغ حدا غريبا من الاتباع الأعمى يستحق دراسة اجتماعية جادة، ليس لتقليل هذا الهوس ولكن لفهمه على الأقل، خاصة أن كثيرا جدا من هؤلاء المشاهير لا يشتهرون بأي شيء، هو مشهور والسلام، لا يقدم فنا ولا علما ولا حتى شيئا تافها، غالبا هو لا يقدم أي شيء، كل رصيده أن الناس يعرفونه وأنه مشهور، لكن لا أحد يستطيع أن يعرف على وجه اليقين بماذا يشتهر. وهذه ليست مشكلة المشهور ولكنها مشكلة الأتباع بالدرجة الأولى.
حتى مسيلمة الكذاب شخصيا كان لديه محتوى يقدمه للناس قبل أن يتبعوه، وأظنه قد شعر بالخجل أن يظهر للناس ويطلب منهم اتباعه دون أن يكون لديه ما يقوله لهم مهما كان غبيا وكاذبا.
ورسل التواصل الاجتماعي يجمعون الأتباع ثم يخترعون الرسالة، وهذا فخ خطير جدا، لأن أحدهم حين يجد أن الناس قد اجتمعوا حوله يقدمون له قرابين اللايكات وسحب الشاشات للأعلى فإنه يشعر أن من واجبه أن يبدأ في تبليغ رسالته التي لا يعرف حتى هو ماهيتها.
يبدأ في تحديد معايير الصواب والخطأ، وكيف يفترض أن يعيش الناس ومتى يفترض أن يموتوا، ما الذي يحبون وكيف يحبون، وما الذي يكرهون وكيف يعبرون عن كراهيتهم للأشياء.
قد يظن البعض أنهم في معزل يعصمهم من الغثاء، ولكنه سيجد نفسه في نهاية المطاف، ودون أن يشعر، من المغرقين وسط هذه العبثية والفوضى الاجتماعية.
من ضمن أقبح الرسائل التي تقدمها وسائل التواصل ورسلها الجدد فكرة تغيير دلالات الأشياء والكلمات، كلمة مثل «عيب» لم تعد تدل على العيب فعلا، في أحيان كثيرة قد تستخدم للدلالة على نقيض العيب، والخطأ لم يعد مضادا للصواب، الخطأ في الغالب أصبح دلالة على عدم مسايرة القطعان التي تسير على غير هدى إلى غير غاية.
وعلى أي حال..
لن أعمم، ليس لأني لست أحمق بما يكفي للتعميم بضمير مرتاح، ولكن لأنه يوجد استثناءات جميلة تقدم أشياء مفيدة أو حتى مسلية ولها رسالة وهدف واضحان، ولكنهم في وسط هذا المحيط المتلاطم من السخف والعبثية واللا جدوى غرباء كأنهم صالح في ثمود.
agrni@
مسألة الكثرة والقلة ليست معيارا للحقيقة، وهذه من الواضحات التي لا تحتاج جهدا لتوضيحها، لكن هوس الناس بالمشاهير بلغ حدا غريبا من الاتباع الأعمى يستحق دراسة اجتماعية جادة، ليس لتقليل هذا الهوس ولكن لفهمه على الأقل، خاصة أن كثيرا جدا من هؤلاء المشاهير لا يشتهرون بأي شيء، هو مشهور والسلام، لا يقدم فنا ولا علما ولا حتى شيئا تافها، غالبا هو لا يقدم أي شيء، كل رصيده أن الناس يعرفونه وأنه مشهور، لكن لا أحد يستطيع أن يعرف على وجه اليقين بماذا يشتهر. وهذه ليست مشكلة المشهور ولكنها مشكلة الأتباع بالدرجة الأولى.
حتى مسيلمة الكذاب شخصيا كان لديه محتوى يقدمه للناس قبل أن يتبعوه، وأظنه قد شعر بالخجل أن يظهر للناس ويطلب منهم اتباعه دون أن يكون لديه ما يقوله لهم مهما كان غبيا وكاذبا.
ورسل التواصل الاجتماعي يجمعون الأتباع ثم يخترعون الرسالة، وهذا فخ خطير جدا، لأن أحدهم حين يجد أن الناس قد اجتمعوا حوله يقدمون له قرابين اللايكات وسحب الشاشات للأعلى فإنه يشعر أن من واجبه أن يبدأ في تبليغ رسالته التي لا يعرف حتى هو ماهيتها.
يبدأ في تحديد معايير الصواب والخطأ، وكيف يفترض أن يعيش الناس ومتى يفترض أن يموتوا، ما الذي يحبون وكيف يحبون، وما الذي يكرهون وكيف يعبرون عن كراهيتهم للأشياء.
قد يظن البعض أنهم في معزل يعصمهم من الغثاء، ولكنه سيجد نفسه في نهاية المطاف، ودون أن يشعر، من المغرقين وسط هذه العبثية والفوضى الاجتماعية.
من ضمن أقبح الرسائل التي تقدمها وسائل التواصل ورسلها الجدد فكرة تغيير دلالات الأشياء والكلمات، كلمة مثل «عيب» لم تعد تدل على العيب فعلا، في أحيان كثيرة قد تستخدم للدلالة على نقيض العيب، والخطأ لم يعد مضادا للصواب، الخطأ في الغالب أصبح دلالة على عدم مسايرة القطعان التي تسير على غير هدى إلى غير غاية.
وعلى أي حال..
لن أعمم، ليس لأني لست أحمق بما يكفي للتعميم بضمير مرتاح، ولكن لأنه يوجد استثناءات جميلة تقدم أشياء مفيدة أو حتى مسلية ولها رسالة وهدف واضحان، ولكنهم في وسط هذا المحيط المتلاطم من السخف والعبثية واللا جدوى غرباء كأنهم صالح في ثمود.
agrni@