برجس حمود البرجس

وظائف بشخطة قلم

الثلاثاء - 05 نوفمبر 2019

Tue - 05 Nov 2019

يطالب الكثير وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بتوفير الوظائف ويرون أنه «قرار بشخطة قلم» - على حد قولهم - لتوطين الوظائف ورفع نسب التوطين وإيقاف التأشيرات للعمالة الوافدة، هؤلاء لم يتساءلوا ما الذي يمنع الوزارة عن «شخطة القلم» لو كان ذلك سيوفر الوظائف؟ دعونا نسأل لماذا لا يشخط الوزير القلم إذا كان سيحل المشكلة التي تُسأل عنها الوزارة ليل نهار من المواطنين ومن المجالس العليا المنظمة للأعمال التنموية بالمملكة؟

كتبنا كثيرا بأن توطين الوظائف بمعزل عن توليد الوظائف ليس إلا خفضا لعدد الوظائف، والوزارة تعمل جاهدة على التوسع في سوق العمل والشركات، وبدون هذا التوسع للشركات الحالية وتأسيس شركات جديدة لن يكون هناك أي مجال للتوطين بالعدد المأمول ونوعية الوظائف المأمولة، طبعا بالإضافة إلى تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية وتجهيزهم لسوق العمل.

عناصر توليد وتوطين الوظائف كثيرة، وأهمها زيادة «المحتوى المحلي» واستهداف التصدير للسلع والخدمات، وأيضا تفعيل وإنتاجية مراكز البحوث والتطوير بالجامعات والقطاع الخاص، وزيادة شركات دعم التمويل وأيضا شركات رأس المال الجريء. هذه هي عناصر وعوامل التوسع المأمولة لتوفير وظائف جديدة، ويتم العمل عليها حاليا من قبل جهات عدة.

المنشآت الموجودة بالمملكة والمسجلة بالتأمينات الاجتماعية عددها مليون منشأة، ومنها فقط أقل من 4% أعداد موظفيها 20 شخصا فأكثر سعوديين وغير سعوديين، هذا يعني أن بقية الـ 96% من الشركات أعداد موظفي كل منها 20 شخصا وما دون، ليس مرغوبا العمل فيها وليست مستهدفة بالتوظيف بشكل كبير، ولذلك يلزم التوسع بالأعمال كشرط أساسي لتوليد الوظائف المأمولة والمستدامة.

يعمل حاليا بالمملكة في القطاع الخاص 8.2 ملايين شخص، منهم 6.6 ملايين غير سعوديين، ومن هؤلاء 250 ألف موظف فقط رواتبهم فوق 10 آلاف ريال، و300 ألف موظف رواتبهم بين 5000 و10 آلاف ريال، و350 ألف موظف رواتبهم بين 3000 و5000 ريال. ضمن الـ 550 ألف موظف غير سعودي الذين رواتبهم أكثر من 5000 ريال الطبيب والأستاذ الجامعي بتخصصات ومستويات مختلفة، وكذلك بينهم موظفون بخبرات كبيرة، بينما غالبية السعوديين الباحثين عن العمل تنقصهم الخبرات العملية، ولذلك يصعب استبدالهم ببعض، وهذا ما يصعب على الوزارة عمليات التوطين العشوائية، فالوزارة على وعي بأن ذلك سيضعف من سوق العمل بشكل كبير حتى على الموظفين السعوديين.

من جهة أخرى، نعلم أن بعض الشركات ورجال أعمال يفضلون غير السعودي على السعودي، ربما نراها أنانية لعدم رغبتهم بتدريب وتأهيل سعوديين ليشغلوا تلك الوظائف، ولكن هذا أمر بيد الشركات (مع الأسف) التي ربما لا تمانع استبدال الوافد بالسعودي ولكن دون جهد لنجاح هذا التوطين ودون أي خسائر مالية، هذا إذا تأكدوا من الإنتاجية والانضباطية.

معالجة التوظيف والوظائف بالمملكة تحتاج إلى اكتمال عناصر عدة، منها زيادة المحتوى المحلي وتطوير مخرجات مراكز البحوث والتطوير والتوسع بسوق العمل بشكل كبير، وتوفير شركات تمويل لمنشآت جديدة وتوسع شركات قائمة، والقضاء أيضا على التستر يساعد كثيرا.

اعتماد حلول سريعة أمر مهم أيضا، فكثير من التطبيقات توفر وظائف، لا أتحدث هنا عن تطبيقات التوصيل والصيانة، بل تطبيقات توفر وظائف لمهندسين من منازلهم ووظائف للأطباء عن طريق التطبيقات، وتطبيقات لأعمال أخرى كثيرة يمكن عملها ودعمها لتوفر وظائف كثيرة للمهندسين والمحامين والتربويين.

أخيرا، وقد كتبنا كثيرا عن ضرورة تأسيس شركات حكومية تقتحم قطاعات لا يجرؤ القطاع الخاص على اقتحامها، مثل عمل شركات عملاقة للبرمجيات والهندسة، وشركات استشارية توسع في الأعمال والوظائف. لا نستطيع الاعتماد على رجال أعمال قضوا سنوات طويلة اعتادوا فيها على العمالة الرخيصة ويفضلون استيراد كل شيء من الخارج مصنعا وجاهزا للبيع.

لو كان توفير الوظائف (بشخطة قلم) وبهذه السهولة لما تأخرت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بهذه الشخطة يوما واحدا.

Barjasbh@