الاستغراب.. حديث المجلة العربية
السبت - 02 نوفمبر 2019
Sat - 02 Nov 2019
لمن لا يعرف ولا يتابع الشأن الثقافي يمكن وصف «المجلة العربية» ـ وهي دورية ثقافية شهرية أحَب محرروها أن يصفوها بأنها مجلة الثقافة العربية ـ بأنها إحدى أهم منصات إنتاج المعرفة ضمن وسطنا الثقافي المحلي، وحتما لها تأثيرها على الصعيد الإقليمي على وجه الخصوص. على أنها بمعية زميلتها مجلة «الفيصل»، لا تزال تقاوم حالة التغافل التي يعيش في كنفها النشء الجديد، الذين لم يعد لهم أي ارتباط عضوي بثقافة قراءة المجلات المعرفية، وتلك إحدى مقدمات الأمية المعرفية كما أتصور، وهو ما نغفل عنه على صعيد المؤسسات التعليمية ابتداء التي لم تهتم بترسيخ حالة الانتماء لمثل هذه المجلات المعرفية في أذهان طلابها منذ الابتداء، ولا غرابة في ذلك، ففاقد الشيء لا يعطيه.
أعود إلى «المجلة العربية» لأشير إلى أنها قد استهدفت بالنقاش في عددها الحالي موضوعا أخال أنه مهم، ويحتاج إلى مزيد من تسليط الضوء، وهو دراسات الاستغراب بوصفها طريقا إلى معرفة الآخر الغربي، والعنوان كما هو واضح في مدلوله ومبناه، يأتي مسامتا لمصطلح الاستشراق الذي ارتبط بالحركة الاستعمارية، حين رغب الساسة الأوربيون في معرفة تفاصيل دقيقة عن طبيعة الشرق وحضارته، فكان أن ولدت دراسات الاستشراق التي باتت إحدى أهم الدراسات البحثية في الغرب، ونتج عنها العديد من الأبحاث والكتب المرجعية المهمة، بل وبات العديد من المعاهد والجامعات والمكتبات الغربية موئلا مهما لكل باحث عن الحضارات الشرقية إجمالا، وما يتعلق منها بالعرب والمسلمين بوجه خاص.
بالتالي يمكن النظر إلى موضوع الاستغراب، الذي كان المفكر المصري الدكتور حسن حنفي سباقا إلى الكتابة فيه، والتوجيه إلى أهميته، على أنه قد جاء كرد فعل ثقافي معاكس في فكرته ومضمونه لموضوع الاستشراق.
على أن الفارق كبير بين المنطلقين، فالغرب توجه إلى دراسة الشرق بذهن علمي متجرد، من بعد تحرره من مختلف القيود الفكرية، جراء ما عاشه من ثورة معرفية عبر ما عرف بعصر النهضة، ثم عالم الأنوار ونقد الأنوار، وكان أن أدى ذلك إلى كشف العديد من الكنوز المعرفية في ثقافتنا، والتي لم نكن لنعرف الخلوص إليها في حينه، وربما لم نكن لنعرفها في ظل ما كان سائدا من جهل، وصاحب ذلك مع الأسف علو سياسي وعسكري أدى إلى وضع يدهم على كثير من البلدان فيما عرف اصطلاحا بالاستعمار.
في حين أننا ننطلق
في دراساتنا الاستغرابية ونحن نعيش أضعف حالاتنا على الصعيدين المعرفي والسياسي، فكيف سندرس مجتمعا لم ننعتق من أغلاله بعد؟ ولا نزال نسعى إلى التلبس بلباسه بأي شكل من الأشكال، فلغتهم نريد أن تكون لغتنا، ونسقهم الذهني نريد أن يكون نسقنا، ومظاهر حياتهم باتت واضحة في تفاصيل محيطنا المجتمعي، ثم نأتي في لحظة شرود معرفي لندعو إلى تكريس البحث في دراسات الاستغراب، والسؤال الذي يمكن أن يطرح هو: من نستهدف بالدراسة في الغرب؟ هل نستهدف الغربيين أنفسهم؟ أم ذواتنا الغربية؟
واقع الحال الأمر يدعو للسخرية حقا، وكم نحن بحاجة اليوم إلى إعادة اكتشاف ذاتنا المعرفية بعقل علمي متجرد، بعيدا عن كل الأفكار المحنطة، مستعينين أولا بعدد من الدراسات الاستشراقية العلمية، وباستعادة نسقنا الذهني أيضا، ثم لننطلق في استكشاف الآخر أيا كان، وهو ما أرجو أن يتم تسليط الضوء عليه في عدد قادم من أعداد «المجلة العربية» التي أختم بتوجيه التحية لها، لمتانة مضمونها، ورصانة محتواها، وليت شبابنا يلتمسون منها شيئا في حاضرهم الحياتي.
@zash113
أعود إلى «المجلة العربية» لأشير إلى أنها قد استهدفت بالنقاش في عددها الحالي موضوعا أخال أنه مهم، ويحتاج إلى مزيد من تسليط الضوء، وهو دراسات الاستغراب بوصفها طريقا إلى معرفة الآخر الغربي، والعنوان كما هو واضح في مدلوله ومبناه، يأتي مسامتا لمصطلح الاستشراق الذي ارتبط بالحركة الاستعمارية، حين رغب الساسة الأوربيون في معرفة تفاصيل دقيقة عن طبيعة الشرق وحضارته، فكان أن ولدت دراسات الاستشراق التي باتت إحدى أهم الدراسات البحثية في الغرب، ونتج عنها العديد من الأبحاث والكتب المرجعية المهمة، بل وبات العديد من المعاهد والجامعات والمكتبات الغربية موئلا مهما لكل باحث عن الحضارات الشرقية إجمالا، وما يتعلق منها بالعرب والمسلمين بوجه خاص.
بالتالي يمكن النظر إلى موضوع الاستغراب، الذي كان المفكر المصري الدكتور حسن حنفي سباقا إلى الكتابة فيه، والتوجيه إلى أهميته، على أنه قد جاء كرد فعل ثقافي معاكس في فكرته ومضمونه لموضوع الاستشراق.
على أن الفارق كبير بين المنطلقين، فالغرب توجه إلى دراسة الشرق بذهن علمي متجرد، من بعد تحرره من مختلف القيود الفكرية، جراء ما عاشه من ثورة معرفية عبر ما عرف بعصر النهضة، ثم عالم الأنوار ونقد الأنوار، وكان أن أدى ذلك إلى كشف العديد من الكنوز المعرفية في ثقافتنا، والتي لم نكن لنعرف الخلوص إليها في حينه، وربما لم نكن لنعرفها في ظل ما كان سائدا من جهل، وصاحب ذلك مع الأسف علو سياسي وعسكري أدى إلى وضع يدهم على كثير من البلدان فيما عرف اصطلاحا بالاستعمار.
في حين أننا ننطلق
في دراساتنا الاستغرابية ونحن نعيش أضعف حالاتنا على الصعيدين المعرفي والسياسي، فكيف سندرس مجتمعا لم ننعتق من أغلاله بعد؟ ولا نزال نسعى إلى التلبس بلباسه بأي شكل من الأشكال، فلغتهم نريد أن تكون لغتنا، ونسقهم الذهني نريد أن يكون نسقنا، ومظاهر حياتهم باتت واضحة في تفاصيل محيطنا المجتمعي، ثم نأتي في لحظة شرود معرفي لندعو إلى تكريس البحث في دراسات الاستغراب، والسؤال الذي يمكن أن يطرح هو: من نستهدف بالدراسة في الغرب؟ هل نستهدف الغربيين أنفسهم؟ أم ذواتنا الغربية؟
واقع الحال الأمر يدعو للسخرية حقا، وكم نحن بحاجة اليوم إلى إعادة اكتشاف ذاتنا المعرفية بعقل علمي متجرد، بعيدا عن كل الأفكار المحنطة، مستعينين أولا بعدد من الدراسات الاستشراقية العلمية، وباستعادة نسقنا الذهني أيضا، ثم لننطلق في استكشاف الآخر أيا كان، وهو ما أرجو أن يتم تسليط الضوء عليه في عدد قادم من أعداد «المجلة العربية» التي أختم بتوجيه التحية لها، لمتانة مضمونها، ورصانة محتواها، وليت شبابنا يلتمسون منها شيئا في حاضرهم الحياتي.
@zash113