عبدالله المزهر

الذوق الخاص ومن وما!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 31 أكتوبر 2019

Thu - 31 Oct 2019

ثم إني أحب الغناء والموسيقى ـ نسأل الله السلامة ـ ولا أحب الفن الجديد الذي أطلق عليه مسمى الشيلات، ولكن عدم محبتي لها لا تعني أني أنكرها على غيري، وإن كنت أنتقدها بشدة من باب التناصح ومحبة الخير للآخرين مع الأصدقاء الذين يحبون هذا النوع من الغناء.

البعض يكره الشيلات لأسباب لا علاقة لها بالفن أصلا، فهو يحترم حرية محبي الراب، ولا يفعل ذلك مع محبي الشيلات، وهذه فئة جديدة مواقفها في الغالب مبنية على «من» وليست على «ما».

وكنت أظن أن الشيلات هي أغنيات دون أدوات موسيقية حقيقية، ويستعاض عن الموسيقى بأصوات لكائنات بشرية تتألم وتتأوه وتنتج أصواتا تشبه الموسيقى، لكني في الآونة الأخيرة اكتشفت أن هذا التعريف غير دقيق، لأني استمعت إلى شيلات فيها أدوات موسيقية حقيقية، كالعود والناي وبقية ما تعلمون، وأصدقكم القول إن هذا الأمر سبب لي بعض الربكة، لأني لم أفهم لماذا لا يسمونها أغنية. منتجو الشيلات الجديدة يصرون على أن يسموا المؤدي «المنشد» وليس المطرب، مع أنه يغني كما يفعل المطربون وتعزف خلفه فرقة موسيقية بأدوات كتلك التي يستخدمها عيسى الإحسائي وفيروز.

ويبدو أن الأخوة ـ والأخوات بالطبع ـ المفتونين بهذا الفن لا يعترفون بالمثل الأمريكي الذي يقول «عندما تمشي مثل البطة، وتسبح مثل البطة، وتصدر صوتا مثل صوت البطة، فأنت حتما بطة».

ومن باب الإنصاف ـ وأنا منصف كما تعلمون ـ فإنه يحسب للشيلات هذه أنها نقلت للناس كثيرا من القصائد الجميلة التي لم يكن أحد ليسمع بها لولا الشيلات، لأن المطربين الحقيقيين مشغولون بالحب والحبيب الذي يعاني من بعض الظروف الصعبة نسأل الله أن يفرج همه وهم كل مكروب.

وهذا أمر دفعني وأنا الذي أحب الشعر ولا أحب الشيلات إلى سماع الكثير منها حتى أصبحت «شيلاتيا» دون أن أشعر، والفن الذي يصل إلى الناس هو فن حقيقي بغض النظر عن موقف «الناس الآخرين» منه.

البعض يقول بأن الشيلات أحد المحفزات على «الهياط» والتفاخر القبلي المذموم، وهذا صحيح لكن هذا يمكن أن يحدث أيضا من خلال أغنية تغنيها أم كلثوم، فانتقاد الوعاء يختلف عن انتقاد المحتوى. المحتوى أمر يمكن أن يكون النقاش حوله أكثر منطقية من الحديث عن الأسلوب أو الطريقة.

وعلى أي حال ..

من حق كل أن يسمع ما يشاء بالطريقة التي يشاء، هذه أبسط حرية يمكن أن ينالها الإنسان، ولكن المأخذ الأكبر على الشيلات لا يتعلق بمستمعيها بقدر ما يتعلق بمنتجيها، فهم لا يعترفون بالحقوق الفكرية وسرقة الألحان لديهم أسهل من الكذبة على شفة طفل، لا يجدون حرجا في سرقة لحن أي أغنية حقيقية أو حتى غير حقيقية. ويقومون بذلك على طريقة «روبن هود» يسرقون الألحان من الموسيقيين ليقدموها للذين لا يعرفون الموسيقى. وحين يتخلص الشيلاتيون من هذا الداء فإنه لا ضير فيما يقدمون ولا في اعتبار فنهم فنا جميله جميل، وقبيحه قبيح. كأي فن آخر. ولن أسميهم مطربين مراعاة لحساسيتهم تجاه اللفظ.

agrni@