عبدالله محمد الشهراني

التسعاوي والجامبو

الأربعاء - 30 أكتوبر 2019

Wed - 30 Oct 2019

الأسبوع الماضي وأنا متوجه إلى العمل: كابرس موديل 1979م يمر بجواري بكل أناقة وكبرياء، يقوده شخص في العقد الخامس من العمر، لفت المنظر انتباهي - في الحقيقة - لنقطة في قطاع الصناعة، وجعلني أبحث لأيام عدة وأتعمق فيها. المنظر جعلني أربطه بمنظر آخر رأيته العام الماضي في مكة المكرمة: كرسيدا موديل 80 تقف بجواري عند إشارة المرور (الغريب والمدهش أنه مقفل النوافذ.. يعني المكيف شغّال).

هذه المشاهدة أيضا جعلتني أعود إلى صورة في غاية الهيبة والجمال، صورة تتحدث عن ثورة في علم وعالم الطيران، التقطت الصورة في 30 سبتمبر 1968م، وهو تاريخ أول ظهور للطائرة الأمريكية بوينج 747 الملقبة بـ «الجامبو» أو كما يفضل أن يلقبها محبوها «ملكة السماء».

اهتمامي بالموضوع جعلني أذهب إلى ما هو أبعد من الجامبو، الطائرة «دي سي 3» من نوع الطائرة «الداكوتا» نفسه، المهداة من الرئيس الأمريكي فرانلكين روزفلت لجلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله، لقد وجدت أن هذا النوع من الطائرات ما زال يعمل حتى الآن، طائرة حلقت للمرة الأولى عام 1935م ما زالت تطير (نفسي أضع فيس المندهش.. بس ما يصلح في برستيج المقالات وكذا).

الاندهاش الكبير له مبررات عدة، لكن سوف أذكر أهم تلك المبررات وأدع الباقي لمخيلة القارئ.

إن القاسم المشترك بين هذه المنتجات هو الجودة العالية والعمر الطويل، مما يثبت أن تصنيعها تم باحترافية وإتقان عاليين جدا، والأغرب من ذلك أنها صممت وصنعت في السبعينات والستينات الميلادية، بل الداكوتا كانت في الثلاثينات الميلادية، أي إننا نتحدث هنا يا سادة عن تصميم وتصنيع «يدوي».

في تلك «الزمانات» لم يستخدم الكمبيوتر إلا في أضيق الحدود في عمليات حسابية أو تخزين معلومات، والبرامج التطبيقية والتكنولوجيا بشكل عام أيضا لم تكن متوفرة أو متطورة مقارنة بالعصر الحالي، كل هذه الظروف وما زلنا نرى هذه المنتجات العتيقة وغيرها كثير تعمل بشكل جيد، في حين نشاهد منتجات حديثة لا تقاوم العمر (وتجيب العيد بعض الأحيان)، منتجات غلب عليها هوس المنافسة والحرص على التوفير في التكاليف على حساب الجودة والتميز والإتقان.

لا أود أن أكمل وأقول إن هذا يحدث حتى على مستوى المشاريع الهندسية، مبان وطرق وجسور.. إلخ، وأخيرا أجدني مجبرا على أن أختم كلامي بعبارة جميلة Old is Gold.

ALSHAHRANI_1400@