الشعب يريد إسقاط الفوضى!
سنابل موقوتة
سنابل موقوتة
الثلاثاء - 29 أكتوبر 2019
Tue - 29 Oct 2019
لا يوجد «شعب يريد إسقاط النظام»، في دولة تحترم النظام وتحترم نفسها وتحترم شعبها. هذه المعلومة البدهية السهلة اليسيرة على من يسرها الله عليه تغيب ـ لأسباب لا يعلمها إلا الله ـ عن عقول الطبقة السياسية الحاكمة في كثير من دول هذا العالم الثالث وما بعد الثالث.
قد لا تصدق زميلي الحاكم في دولة من دول العالم الثالث أن المواطنين البسطاء ـ وهم السواد الأعظم من الناس ـ لا يهتمون كثيرا لمسألة تداول السلطة التي تقلقك كثيرا. وبعيدا عن خطابات النخب السياسية والأحزاب فإن المواطنين فعليا لا يهمهم من يحكمهم ولا شكله ولا لونه، هم ببساطة يريدون أن يعيشوا بكرامة وأن تحترمهم دولهم وألا تتعامل معهم كأنهم «عفش زائد» لا أهمية له ولا لوجوده ولا لحاجاته الأساسية.
ولك أن تتخيل أن المواطن حين يكون مرتاحا سعيدا مكرما في وطنه فلن تؤثر فيه جميع «الأجندات» والمخططات الخارجية، ولن يضرك أعداء الوطن حتى لو اجتمع ضده الجن والإنس، لا يمكن هزيمة أمة تحب قائدها حبا حقيقيا، وليس حبا إعلاميا دافعه الخوف. الخوف لا يصنع الحب، ولا يصنع الاحترام ولم يصنع الولاء الحقيقي يوما ما ولن يفعل. ومن تستطيع شراء ولائه فإن هذا الولاء سلعة يمكن أن يشتريها من يدفع أكثر منك.
وهذا لا يعني بالطبع أنه لا توجد أطماع أو أجندات أو محاولات من دول للسيطرة على أخرى والعبث بأمنها واستقرارها ـ إن وُجدا، لكن الثغرة التي تدخل من خلالها كل هذه الفيروسات إلى أي دولة هو المواطن البائس الذي لم يعد لديه ما يخسره، حين يتساوى الموت والحياة ويفقد المواطن كرامته وحريته ولقمة عيشه فإنه أسهل هدف في العالم لمن يريد الابتزاز والتخريب.
هذا الدرس يتكرر بشكل دوري في الوطن العربي، لكن خطاب الأنظمة الحاكمة واحد لا يتغير، أجندات خارجية وأصابع غريبة وتحميل الجن والإنس وكل الكائنات الحية المسؤولية كاملة عن تردي الأوضاع وغضب الناس، كل المخلوقات مسؤولة عما يحدث إلا المتسبب الفعلي. يندر أن يخرج زعيم ويقول بالفعل كل ما كنا نفعله ليس له إلا نتيجة واحدة وهو ما نراه يحدث. لقد أخطأنا كثيرا ونستودعكم الله ويتصل بأقرب شركة لنقل العفش ويترك الناس يعيشون حياتهم كما يفعل البشر.
الاستقرار والشعور بالأمن والكرامة المحفوظة هي غاية كل الكائنات البشرية، ولذلك حين هبت رياح الربيع العربي كانت دول الخليج في المجمل أكثر مناعة في مقاومته، مع أنه لا يوجد تداول للسلطة ولا ديموقراطية ولا هم يتدمقرطون. وشعوب الخليج ليست جاهلة ولا جبانة، وليست الدول الأكثر دخلا ولا ثروات ولا طبيعة توفر الكثير من مقومات الحياة، لكن الاستقرار وتوفر حاجات الإنسان الضرورية واحترام كرامة الإنسان كانت خط المناعة الأقوى في وجه التغيير.
وعلى أي حال..
لعل ما أود قوله باختصار لمقاومي التغيير في العراق ولبنان كمثالين حيين على ما أدندن حوله، هو أن فهم الإنسان واحترامه والتعامل معه ككائن بشري يغني عن كثير من الخطط والاحتياطات الأمنية وصرف كثير من الأموال لمحاولة قمع الناس وسحقهم وإسكاتهم، الذي ليس لديه ما يخسره كائن عصي على التهديد، احترموا آدميتهم وسيحترمونكم حتى لو بقيتم في السلطة ألف سنة مما تعدون.
agrni@
قد لا تصدق زميلي الحاكم في دولة من دول العالم الثالث أن المواطنين البسطاء ـ وهم السواد الأعظم من الناس ـ لا يهتمون كثيرا لمسألة تداول السلطة التي تقلقك كثيرا. وبعيدا عن خطابات النخب السياسية والأحزاب فإن المواطنين فعليا لا يهمهم من يحكمهم ولا شكله ولا لونه، هم ببساطة يريدون أن يعيشوا بكرامة وأن تحترمهم دولهم وألا تتعامل معهم كأنهم «عفش زائد» لا أهمية له ولا لوجوده ولا لحاجاته الأساسية.
ولك أن تتخيل أن المواطن حين يكون مرتاحا سعيدا مكرما في وطنه فلن تؤثر فيه جميع «الأجندات» والمخططات الخارجية، ولن يضرك أعداء الوطن حتى لو اجتمع ضده الجن والإنس، لا يمكن هزيمة أمة تحب قائدها حبا حقيقيا، وليس حبا إعلاميا دافعه الخوف. الخوف لا يصنع الحب، ولا يصنع الاحترام ولم يصنع الولاء الحقيقي يوما ما ولن يفعل. ومن تستطيع شراء ولائه فإن هذا الولاء سلعة يمكن أن يشتريها من يدفع أكثر منك.
وهذا لا يعني بالطبع أنه لا توجد أطماع أو أجندات أو محاولات من دول للسيطرة على أخرى والعبث بأمنها واستقرارها ـ إن وُجدا، لكن الثغرة التي تدخل من خلالها كل هذه الفيروسات إلى أي دولة هو المواطن البائس الذي لم يعد لديه ما يخسره، حين يتساوى الموت والحياة ويفقد المواطن كرامته وحريته ولقمة عيشه فإنه أسهل هدف في العالم لمن يريد الابتزاز والتخريب.
هذا الدرس يتكرر بشكل دوري في الوطن العربي، لكن خطاب الأنظمة الحاكمة واحد لا يتغير، أجندات خارجية وأصابع غريبة وتحميل الجن والإنس وكل الكائنات الحية المسؤولية كاملة عن تردي الأوضاع وغضب الناس، كل المخلوقات مسؤولة عما يحدث إلا المتسبب الفعلي. يندر أن يخرج زعيم ويقول بالفعل كل ما كنا نفعله ليس له إلا نتيجة واحدة وهو ما نراه يحدث. لقد أخطأنا كثيرا ونستودعكم الله ويتصل بأقرب شركة لنقل العفش ويترك الناس يعيشون حياتهم كما يفعل البشر.
الاستقرار والشعور بالأمن والكرامة المحفوظة هي غاية كل الكائنات البشرية، ولذلك حين هبت رياح الربيع العربي كانت دول الخليج في المجمل أكثر مناعة في مقاومته، مع أنه لا يوجد تداول للسلطة ولا ديموقراطية ولا هم يتدمقرطون. وشعوب الخليج ليست جاهلة ولا جبانة، وليست الدول الأكثر دخلا ولا ثروات ولا طبيعة توفر الكثير من مقومات الحياة، لكن الاستقرار وتوفر حاجات الإنسان الضرورية واحترام كرامة الإنسان كانت خط المناعة الأقوى في وجه التغيير.
وعلى أي حال..
لعل ما أود قوله باختصار لمقاومي التغيير في العراق ولبنان كمثالين حيين على ما أدندن حوله، هو أن فهم الإنسان واحترامه والتعامل معه ككائن بشري يغني عن كثير من الخطط والاحتياطات الأمنية وصرف كثير من الأموال لمحاولة قمع الناس وسحقهم وإسكاتهم، الذي ليس لديه ما يخسره كائن عصي على التهديد، احترموا آدميتهم وسيحترمونكم حتى لو بقيتم في السلطة ألف سنة مما تعدون.
agrni@