عبدالحليم البراك

إحياء الأنا الأخرى..

الاثنين - 21 أكتوبر 2019

Mon - 21 Oct 2019

لا شك أنك أنت وحدك، ولا أحد غيرك يتجمع في داخل ذاتك، يقبع في داخل روحك الحية، لكنك أيضا لست وحيدا من غير شخص آخر غيرك معك، فالحقيقة أنك أنت موجود، وثمة أنا أخرى أيضا موجودة معك، ألم تحادث نفسك ذات يوم، فمن كلمك؟ من كلمك هو ذاتك الأخرى، ألم تعتب عليك نفسك ذات يوم على فعل فعلته، إذن أنت فعلت الفعل، والذي عاتبك الأنا الأخرى لك، وإلا كيف لذات واحدة أن تفعل شيئا ثم تعتب على نفسها؛ إن لم تكن مستقلة عن ذاتها، ألم تقل يوما ما لأحد أصدقائك وأنت تشرح له ترددك، أو وأنت تشرح له ثقتك في نفسك؛ تقول له «وقلت لنفسي يا رجل افعل»، أو تقول «حدثتني نفسي»، أو تقول «وقلت إني يجب أن أفعل»، كل هذه الكلمات تثبت وجودك ووجود الذات الأخرى معك، وهذا الذي يعزز وجود نفس أخرى تحدث النفس الفاعلة، والنفس الأصلية في داخلك هي إيمانك بها.

وبناء على هذه المقدمة فإني أدعو لمعرفة الذات الأخرى ثم محاولة سبر أغوارها لتجنب ما يمكن أن تسيء فيه لك، وأخيرا كيف يمكن توظيف الذات الأخرى أو الأنا الأخرى بما يكفل لها أن تكون عنصرا إيجابيا لك، تمضي معك حتى مماتك صديقة لك، تساعدك لفظا وإقناعا وروحا إيجابية!

من المهم جدا على نفسك الأخرى ألا تحبطك، أن تكف عن إيذائك، فكلما قالت الأنا الأخرى للأنا الأصيلة لقد أخطئتِ؛ فلتقل لها: تجربة جديدة تزيدني قوة وخبرة، وإن قالت الذات الأخرى للنفس الأساسية لو فعلت كذا وكذا، فلتقل بأن (لو) تفتح عمل الشيطان، أو في المرة الأخرى سأفعل، فإن قالت النفس الدخيلة: أنا مجنون لماذا فعلت هذا؟ فقل لها أنتِ فقط المجنونة فأنا (الأنا) عاقلة ولله الحمد. وإن قالت نفسك لنفسك كان من الواجب أن أفعل كذا وكذا، فقل لها: لو أعيدت لكِ يا نفس الواقعة بنفس الوقائع وباختفاء النتائج المخفية عني لحظة اتخاذ القرار لاتخذتِ يا نفسُ القرار نفسه. لكن عليك

أن تحتفظ بنفس ناصحة أمينة عندما تخطئ توضح لك، والعبء كل العبء على الأنا الأصيلة التي تميز بين الأنا الأخرى التي تلوم على ما لا يجب اللوم عليه، وبين الأنا الأخرى التي تلوم بروح النصح والنفع!

وبناء عليه أيضا، عليك أن تختار نفسا إيجابية لنفسك، نفسا تعزز لك أفعالك بعقلانية، أنا الأخرى التي تساعدك على تحقيق نتائج ترضيك؛ كمن تقول لك: أنتِ يا نفس عظيمة، أو تقول: أنا قادر على أن أفعل، كما أن الأنا الأخرى التي تحول دون وقوع الخطأ، وتقول: علي أن أتحكم بغضبي، أو تصرفاتي، أو تلك التي تقول لنفسها: لقد أخطئتِ في حق نفسك فاعتذري يا نفس من نفسك، إن إيمانك بأن لديك نفسا أخرى شيء جميل، والأجمل أن تكون هذه الأنا أنا مساعدة لكَ إيجابية عاملة معك لا عليك، تكون في صفك ومحنتك تسندك.

ولو تدربنا على صنع هذه الأنا هل ستتحسن حياتنا مرة أخرى؟!

وأخيرا، هل يمكن فعلا أن تساهم هذه الأنا الأخرى في مساعدتنا؟ بعيدا عن الأصدقاء الذين غالبا ما يخذلوننا، أو أنهم يسيئون لنا، أو أنهم لا يفهموننا، أو أنهم لا يقولون لنا ما يجب أن يقولوه لنا في أحلك الساعات، فتعوض الأنا الأخرى عدم وجود الأصدقاء فتكون الأنا الأخرى صديقك الجديد اللطيف الذي لا يخذلك!

Halemalbaarrak@