علي المطوع

ثورة الواتس اب

السبت - 19 أكتوبر 2019

Sat - 19 Oct 2019

من الثورة الفرنسية والبلشفية، مرورا بحرب الأفيون وثورات الخبز والكرامة والربيع العربي، حطت الثورة في لبنان في آخر إصداراتها المجنونة لتدشن فيه ثورة الواتس اب.

القصة بدأت عندما أعلنت الحكومة فرض ضريبة على هذه الوسيلة الاجتماعية، أيام قلائل والشعب اللبناني يعلن ثورة عارمة ضد الفساد ورموزه في بلد ميزته التناقضات ورأسماله التنوع والاختلاف.

أعتقد أن الضريبة في بعدها الاقتصادي تعد ضربة معلم - اقتصادي وليس (وليد) - كون الشعوب العربية شعوبا كلامية هوائية، يدعم هذا الطرح قول أحدهم قبل حين من الدهر إن العرب ظاهرة صوتية، ولأن خدمة الواتس اب تتطور وبسرعة فقد أضاف صناعها خدمة جديدة نوعا ما، وهي الرسائل الصوتية التي تمكن العرب من ملء الفراغ الكوني بظواهرهم الكلامية وحراكاتهم الإنشائية.

جن جنون اللبنانيين وأعلنوا ثورتهم الواتسية، الحكومة اللبنانية تشعر بالحرج، حزب الله ينتظر الفرصة ليعلن تضامنه مع الشعب ضد كل ما يزيد العبء على المواطن اللبناني! الجماهير تهتف ضد الفساد وأهله ورموزه.

الحكومة اللبنانية تتراجع عن هذه التعرفة وربما يتم تأجيلها لمرحلة لاحقة، خاصة أن بعدها الربحي خاصة في منطقة تعج بالكلام والتنظير سيجعلها المورد الأول لتغطية العجز في الاقتصاد اللبناني المتردي دائما وأبدا.

غريبة لبنان على المستويين السياسي والشعبي، شعوب الدول المختلفة تثور وتحتج على رفع أسعار الوقود والمواد التموينية، بينما في لبنان الوضع مختلف، الناس تحتج على ضريبة غريبة، والحكومة تتجرأ وتفرض ضريبة أغرب!

في زمن مضى كانت بيروت تطبع، وكانت منارة يؤمها العرب على اختلاف هوياتهم ومواقفهم السياسية، واليوم لبنان لم يعد على حافة الهاوية، فقد سقط منذ أن أصبح حزب الله الدولة الأهم داخل لبنان، وأصبح أمينه أمينا على كل شأن يخدم إيران ويوسع دائرة نفوذها داخل الأوطان العربية، تحت شعارات الممانعة والمقاومة.

اتفاق الطائف أعاد لبنان إلى الحياة بعد حرب طائفية تجاوزت الـ 15 عاما، ولكن هذه الحياة تشبه حالة مريض في العناية المركزة يعيش على الأجهزة لتبقيه اسما ضمن الأحياء، في حين أن كل وظائفه الحيوية معطلة وغير قادرة على العمل.

لبنان واللبنانيون يستحقون حياة أفضل وأجمل، بلد يزخر بكثير من الخيرات وإنسانه صنع المعجزات في كل حراك إنساني يمارسه، فاللبناني يصنع الفارق لنفسه ليكون كل يوم أفضل من قبله، والشواهد ظاهرة وجلية في كل مكان وزمان.

إذا أراد اللبنانيون العودة بلبنانهم إلى الحياة، فليتذكروا أن الواتس اب الوسيلة أو الضريبة ليسا مشكلة لبنان، المشكلة في لبنان تكمن في ذلك الحزب الذي صادر الدولة والمواطنين وصار الممثل الوحيد للبنانيين، في ظل انكفاء المواطن اللبناني وتمترسه خلف البعد الطائفي والعرقي الذي تزيده إيران وتسعره وتدفع به ليكون صبغة لبنان وصفته التي تمكنها من البقاء في هذا البلد محتلة تحت شرعية حزب لا يدين بالولاء للبنان، فولاؤه يصنع في قم وتباركه طهران ويستقر في الضاحية في بيروت لبنان.

@alaseery2