عبدالله المزهر

هل أنت فاسق أم داعشي؟!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 14 أكتوبر 2019

Mon - 14 Oct 2019

كثيرون يبدون سعداء بفعاليات موسم الرياض والمواسم التي سبقته، وكثيرون أيضا لا تبدو عليهم علامات الرضا عما يحدث، ولأكون صريحا ـ على غير العادة ـ فإن أنشطة هيئة الترفيه لا تعنيني، لا أعتقد أني سأحضر أي فعالية من فعالياتها، لست ضدها ولا معها، وكونها تقام في الرياض أو في الخبر أو في الشارع المقابل لمنزلنا فهو أمر لا يختلف بالنسبة لي ـ باستثناء موضوع الزحمة طبعا ـ عن إقامتها في ريو دي جانيرو. مع أني محب للفنون بعمومها والموسيقى على وجه أدق، لكني أميل إلى الاستمتاع بها وحدي. لا أعتقد أنه أمر ضروري ـ بالنسبة لي ـ أن أخرج للشارع وأبكي وأصرخ بفرح هستيري لأني سأستمع إلى أغنية بعد قليل.

والسعادة بالفعاليات حق لمن سعد بها، والامتعاض منها حق أيضا لمن لم يفرح بوجودها، ولا أجد مبررا لمهاجمتها بهذه الضراوة من البعض، ولا أجد سببا مقنعا يبرر للبعض الآخر مهاجمة الأشخاص الذين لا تعجبهم فعالياتها أو يقفون على الحياد تجاهها. ليس بالضرورة أن يكون حضورك لها دليلا على أنك فاسق تريد أن تهدم عرى الإسلام، ولا أن عدم حضورك دليل آخر على أنك رجعي متخلف صحوي إخواني داعشي.

من زاوية أخرى، يقولون إن هذه الأنشطة والمواسم والحراك ستجعل الاقتصاد يزدهر وستوفر الآلاف من الوظائف وفرص العمل، وهذا شيء جميل مشكلته بالنسبة لي تكمن في نقطتين، الأولى أن موضوع توفير الوظائف قد استهلك كثيرا ويتردد مع كل مشروع ومع كل خبر، لدرجة أني لن أستغرب أن يخرج رئيس أحد الأندية الرياضية ويقول إنه تعاقد مع لاعب عالمي لأن هذا سيوفر مئة ألف وظيفة للشباب السعودي. وكثرة الأخبار التي تختبئ خلف أرقام لا يمكن قياسها ومشاهدتها على أرض الواقع تضر الأخبار والأرقام الصحيحة فعلا وتفقدها مصداقيتها.

النقطة الثانية وهي الأهم أني لا أفهم كثيرا ـ ولا قليلا ـ في الاقتصاد والأرقام والأموال، ولذلك حين أسمع أحاديث عن الاقتصاد والنمو والازدهار المالي أبدو وكأني أستمع لمحاضرة عن «كيمياء الكم» باللغة الصينية. وأنا وأمثالي وأضرابي وأشباهي من العامة والدهماء لا نفهم إلا ما نشاهده أمامنا، ولا تستهوينا الأحاديث الجميلة عن المستقبل إذا لم يكن الحاضر جيدا بما يكفي. لذلك أتمنى الرفق بعقولنا الصغيرة التي لا تستوعب الكلمات الكبيرة. وعاملونا بالحسنى حتى نفهم.

وعلى أي حال..

هناك أمر ربما يصعب على البعض استيعابه، وهو أن فكرة عدم الانتماء لأي من الفريقين ليست محاولة لإرضائهما، وليست حيادا، هناك احتمال آخر وهو أنه يوجد أشخاص بالفعل لا يهمهم الأمر ولا يعنيهم، وليس لديهم مشكلة في أن يتفق مع كلام أو موقف أو رأي، بغض النظر عن قائله والفريق الذي ينتمي إليه، ولا في القول بأنه يعارض كلاما أو موقفا أو رأيا آخر بغض النظر عن مصدره. عقلية مشجع كرة القدم جميلة في ملاعب كرة القدم، لكنها مستفزة حين يتعلق الأمر بالأفكار والآراء.

agrni@