أحمد صالح حلبي

ثمار التأشيرة السياحية

الخميس - 10 أكتوبر 2019

Thu - 10 Oct 2019

على الرغم من إنشاء الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني قبل نحو 20 عاما، وسعيها «لجذب المواطن السعودي للسياحة الداخلية، وزيادة فرص الاستثمار وتنمية الإمكانات البشرية الوطنية وتطويرها وإيجاد فرص عمل جديدة للمواطن السعودي»، إلا أنها لم تتمكن من الوصول لأهدافها نتيجة للعوائق التي واجهتها، فلم تكن المناطق السياحية مستغلة أو مستفادا منها كنظيراتها في دول العالم، لأن المواطنين هجروها وتوجهوا خارجيا لقضاء إجازاتهم.

أما السياح الأجانب فلا وجود لهم لصعوبة حصولهم على التأشيرة، وإن رأينا البعض منهم فعادة يكونون من الأجانب غير المسلمين، وهؤلاء إما أن يكونوا من منسوبي السفارات والقنصليات الأجنبية الذين تستهويهم بعض المناطق، خاصة الصحراوية منها بجمالها ونعومة ترابها، أو من العاملين في الشركات الكبرى والراغبين في التعرف على المملكة وتاريخها وتضاريسها ومناخها، وكانوا يواجهون صعوبة في التنقل لأنهم يعملون في القطاع الخاص، ولا يمكنهم زيارة أي منطقة إلا بموافقة من الكفيل صاحب العمل.

ولتوظيف المناطق السياحية بشكل جيد، وجذب السياح نحوها من خارج المملكة جاءت خطوة إطلاق التأشيرة السياحية، لتفتح أمام المواطنين السعوديين فرصا استثمارية ووظيفية جيدة، وتحفزهم نحو التوجه صوب القطاع السياحي الذي ظل سنوات يعاني هروبهم منه، واليوم أصبح المجال متاحا أمامهم للاستفادة منه وتوظيف استثماراتهم به.

كما أصبح بمقدور السائح التجول بكل مناطق ومحافظات المملكة والإقامة بها على مدى 90 يوما، وهذا يعني أن إنفاقه لن ينحصر على منطقة أو محافظة محددة، ولن يكون منحصرا على نوعية محددة من الخدمات، فالفائدة ستشمل قطاعات الطيران الداخلي وخدمات النقل، والخدمات والفندقية والتغذية، إضافة إلى انتعاش لسوق الصناعات التقليدية الذي يكاد أن يندثر، وتحريك للأسواق وزيادة في الحركة التجارية، فضلا عن تطوير مرافق الخدمات وبروز مشاريع سياحية كبرى، مع توفر عديد من الفرص الوظيفية للشباب.

أما من جانب السائح فإن التأشيرة وإن مكنته من الإقامة لمدة 90 يوما وزيارة عديد من المناطق والمحافظات، فإنها مكنته من التعرف على طبيعة المملكة المناخية أيضا، ومعايشة حياة سكانها الاجتماعية والتعرف على اقتصادها، وإفساح المجال أمام علماء وطلاب الآثار بزيارة المناطق الأثرية التي كان الوصول إليها على مدى سنوات طوال صعبا جدا.

ولعل من أهم سمات التأشيرة السياحية أنه يمكن الاستفادة منها في أداء فريضة العمرة، وعدم الحاجة إلى مؤسسة أو شركة خدمات المعتمرين أو وكيل خارجي ومقدم خدمة داخلي.

وما نأمله مع إطلاق التأشيرة السياحية أن يعرف المواطنون مهامهم ومسؤولياتهم، ويعملوا على دفع عجلة الاقتصاد الداخلي بشكل جيد، ويدركوا أهمية الاستفادة من قطاع السياحة، خاصة أن الساعات الأولى من إطلاق التأشيرة السياحية شهدت توقيع عقود في مجالات العقار والأغذية والمرافق والخدمات، بمبلغ تجاوز 100 مليار ريال، وأصبح بإمكان السياح زيارة المملكة على مدار العام وليس لفترة زمنية محددة.

وكما قال سفير مجلس السفر والسياحة العالمي، جيرالد لاوليس «إن قرار السعودية سيرفع الناتج الإجمالي للمملكة من 3 إلى 4%، وذلك لأن سوق السياحة العالمي ينمو بمعدلات تفوق 5% سنويا»، فعلينا الاستفادة من هذا النمو.

[email protected]