فهد عبدالله

الرسمة المترددة

الخميس - 03 أكتوبر 2019

Thu - 03 Oct 2019

الرسم البياني للأحداث التي تمر بالإنسان في طبيعته ترددي بين ارتفاعات الأفراح والإنجازات، ومنخفضات الآلام والفشل، وهذه الطبيعة الكونية الثابتة في الرسمة المترددة لا يمكن لها أن تبقى في حالة مستقرة ثابتة ردحا من الزمن، لذلك كانت الحاجة ماسة للتعلم والممارسة لكيفية التفاعل النفسي الإيجابي مع هذا النقاط التحولية في المنحنى.

عند التعثر قد تداهمك تلك الفكرة التي تحدثك عن التكلفة الباهظة لعناء المسير ومجانية الابتعاد عن تتبع الأحلام أو تحوير معناها في الظاهر بالابتعاد عن وجع الرأس، وكثيرا ما يخفي ستارها الكسل والخلود إلى الراحة وقصر النفس في تتبع رحلة الإنجازات الطويلة. وهذه المظاهر قد تقود الإنسان إلى تلك الهزيمة النفسية في الداخل التي هي أشد وطئا وخطرا من الظروف الخارجية الصعبة.

لذلك كان على الإنسان المتعلق بإنسانيته أن يؤمن أولا بحقيقة التعثر وأنه شيء لا بد منه، فضلا عن أهميته التي لا ترى بالعين المجردة، وأن مداعبة فكرة النهوض من التعثر تبدأ بتقبل وتفهم مشاعر حقيقة ذلك السقوط، وأن محاولة الهروب من تلك المشاعر التي يحدثها الألم، إنما تطيل من عمر الألم وتزيد من حجمه المتراكم الذي سيخدش عدسة النظارة التي ترى بها جميع الأشياء من حولك.

وتفهم وتقبل تلك المشاعر مهما كان أمدها سيخلف وراءه ذلك الهدوء الذي سيجعل من تفهم وإدراك الحقائق التي لا يمكن تغييرها مسألة وقت فحسب، مما يجعل تلك الأرض المعصوفة مهيأة مرة أخرى للنشاط الزراعي والتحسن في قراءات الرسمة المترددة مرة أخرى.

جوزيف ميرفي في كتاب قوة العقل الباطن تحدث عن قوة تفعيل الخيال والتصورات السلبية والإيجابية قبل وأثناء التعثر، وما له من أثر بالغ في برمجة العقل الباطن في تعلقه بالسيناريو الإيجابي الذي سيكون دافعا جيدا للعمل عليه، وأثره المتصاعد مع مرور الزمن كما تناولته الدراسات العلمية.

كثيرة هي تلك التجارب المشاهدة والمكتوبة التي أخبرتنا بأن العثرات التي أسقطت كثيرا من الناجحين أخبرتهم بعد ذلك بأن أرض الله واسعة ومليئة بعدد لا محدود من الطرق المعبدة، مما جعلهم بعد كثير من التمرس في معارك العثرات أن يمهدوا للتطبيع مع فضيلتين:

الأولى فضيلة الخطط الشاملة للأهداف التي تشمل دراسة جميع المخاطر واحتمالاتها وحلولها، لكون الإيمان المتهدج من تلك التجارب السابقة رسخ حقيقة أن الأهداف التي بلا خطة أو شبه خطة هي مجرد أمان.

الثانية توسيع مساحة الانتشار، لأن الأوتار الداخلية تلامست مع نوتات الخسارة ذات الطريق الواحد، وعزفت بعدها تلك السيمفونية الخالدة 15 طريقا من أجل حياة أفضل.

معرفة تلك النهايات والخلاصات التي يقولها أصحاب التجارب رغم ما فيها من أرتال الفائدة، إلا أنها ستبقى محدودة الأثر ما لم تكن الممارسات والتطبيقات أخذت حيزها الزمني لدى الإنسان، وبدأت تظهر آثارها في تقاسيم الفكر والنظر.

وقبل هذه المعارف والتطبيقات، هناك ذلك الأساس المتين وهو الإيمان والارتباط بالسماء الذي يجعل من كل ترددات المنحنى ذات قبول وتسليم، ومصدر أمان يجعل من جروح تلك النقاط المنخفضة مهما بلغت حدتها قابلة للاندمال.

@fahdabdullahz