أحمد صالح حلبي

متى نكرم المتقاعدين؟

الخميس - 03 أكتوبر 2019

Thu - 03 Oct 2019

اعتدنا في أوائل شهر رجب من كل عام أن نسمع ونقرأ عن إحالة عدد من موظفي الدولة للتقاعد، بعد بلوغهم السن القانونية، وهو ما يعني خروجهم من الحياة العملية التي اعتادوا عليها على مدى عقود مضت إلى حياة مليئة بالوحدة والفراغ، نتيجة لعدم وجود أندية ومراكز قادرة على استيعابهم، وعدم الاستفادة من خبراتهم. ويبقى المتقاعد حبيس داره حتى يصاب بالعجز ويلحقه المرض، فيبدأ بعدها رحلة البحث عن الدواء بالمستشفيات على أمل أن يتمكن من الوقوف والسير على قدميه، وإن وجد الدواء لهذا الداء، فإن داء غلاء المعيشة وثبات مرتبه ينقله لمرض آخر يصيب فكره، فبعد سنوات قضاها في العمل الجاد والمخلص، تحمل أشعة الشمس وحرارة الصيف وأمطار الشتاء، يغادر دائرته حاملا بين يديه خطاب شكر أو شهادة تقدير مع مرتب تقاعدي ثابت لا يتناسب وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.

والمؤسف أنه لا ينظر للمتقاعد بما قدمه من خدمات وتحملهم للصعوبات، في زمن لم تكن وسائل المواصلات متوفرة، والمكاتب والسيارات مكيفة، وأجهزة الاتصال بهذه التقنيات، لكن ينظر إلى مرتبه وعبارة «مرتباتكم تصرف قبلنا».

فأين هي المؤسسة العامة للتقاعد؟ والتي لا ننكر أنها نجحت في إبرام عدد من اتفاقيات التعاون مع نخبة من الشركات والمؤسسات العاملة بالقطاع الخاص، والتي تمثل الخدمات الطبية واحدة منها، لإدراكها أن جل المتقاعدين يبحثون عن العلاج، لكنها لم تعمل على عقد اتفاقيات مع محلات بيع المواد الغذائية والمواد البترولية، ولم تسع لمطالبة الشركة السعودية للكهرباء، وشركة المياه الوطنية، لمنح المتقاعدين نسبة تخفيض على استهلاكهم، خاصة أن أسعار هذه المواد في تزايد، يقابله ثبات مرتب المتقاعد حتى يرحل عن الدنيا.

ولا يمكن القول بأن إيرادات المؤسسة العامة للتقاعد منحصرة فيما تستقطعه من مرتبات الموظفين، فلدى المؤسسة عديد من المشاريع الاستثمارية، ووفقا لتقرير تلقته وكالة الأنباء السعودية «واس»، ونشرته المؤسسة عبر موقعها الالكتروني، أشار إلى أن إيرادات الاستثمار تمثل أحد المصادر المهمة التي تمكن المؤسسة من تأدية التزاماتها المالية، إذ بلغت القيمة العادلة لأصول المؤسسة العقارية 26.8 مليار ريال بنهاية العام المالي 1436 / 1437 هـ، 2015م.

كما أن المؤسسة قالت في خبر نشر لها بتاريخ 20 / 9 / 1433 هـ إن «معاشات التقاعد: مشروع مساكن جدة استثماري ويهدف إلى تنمية حقوق كافة المشتركين»، ويقع المشروع في محافظة جدة ويتكون من مشروع سكني تجاري، حيث سيجري إنشاء 6160) شقة و1180 فيلا، ونحو 170 ألف م2 مكاتب، وفندقا يضم 300 غرفة، ومستشفى بسعة 120 سريرا، و13 مسجدا، و22 مدرسة موزعة على 10 أحياء سكنية متكاملة الخدمات.

كما أن لدى المؤسسة شركة الاستثمارات الرائدة، تمثل الذراع الاستثمارية الفاعلة للمؤسسة العامة للتقاعد، وتعمل في مجال التطوير العقاري وإدارة وتشغيل العقارات والإشراف على تنفيذ المشاريع العقارية التي تملكها المؤسسة العامة للتقاعد أو تعمل على إنشائها و تطويرها.

وهناك كثير من المشروعات الاستثمارية التي وإن عادت بالفائدة على المؤسسة لأصبح المتقاعد مرتاح البال لا ينظر لثبات مرتبه، ولا يفكر في معالجة احتياجاته.

فمتى نكرم المتقاعدين، ونمنحهم حقهم الأدبي قبل المادي؟ ونعمل على توفير سبل الراحة لهم تقديرا لما قدموه من أعمال وتضحيات طوال حياتهم الوظيفية؟

[email protected]