ياسر عمر سندي

التفكير داخل الصندوق

الأربعاء - 02 أكتوبر 2019

Wed - 02 Oct 2019

في الغالب عندما نستشعر سلفا بذات المخرجات من مدخلات عدة فنحن نصاب بالتبلد العقلي. والاستمرار وراء كل ما هو نمطي يقودنا حتما للإحباط الروتيني، والعمل بأساليب وطرق سابقة مجترة لا تولد الجديد تنتج لنا الجمود الحركي، والمراوحة في المكان، ما هي إلا نوع من الفتور والعجز المجتمعي.

أما الخروج عن المألوف فيعتبر من الإبداع الفكري والتحرر الانفعالي السلوكي الذي أساسه يعد معرفة ضمنية كامنة تراكمت في اللا شعور الإنساني منذ بدايات التنشئة الوالدية للأطفال في المؤسسة المنزلية بالتربية، إلى أن يتم خروجهم إلى المرحلة التنميطية في المؤسسات التعليمية للمدارس التمهيدية والابتدائية، وبالتالي تظل المهارات والخبرات المتوارثة مقيدة وحبيسة داخل العقل البشري بحكم تأبيدي، إلى أن يأتي العفو عن هذه المعرفة الموقوفة لتنطلق بأسلوبين، إما بالتداعي الفكري الحر وهو الطرح للمعرفة بالأسلوب العشوائي والذي يؤدي بدوره إلى عدم الاستفادة من هذه المعرفة البشرية وبالتالي تؤول إلى الهدر والتلاشي، وإما بالتداعي الفكري الموزون بالأسلوب المقنن والذي يعتمد على المعرفة المخزنة والمصنفة بعناية. بمعنى أن استراتيجية استخراجها يجب أن توجه لهدف ليتم الاستفادة منها وإظهاراها لتصبح أنموذجا متداولا يستفيد منه الجميع وأيضا التقليل من الجهد والمال المبذولين.

ما أثار حفيظتي المعرفية مؤخرا سماعي لتلك الحادثة التي وقعت في المكسيك، إثر قيام معلم في إحدى مدارس بولاية تلاسكاسا جنوب البلاد، بتغطية رأس كل طالب في الصف بصندوق ورقي أثناء تأديتهم امتحان مادة الأخلاق، وعند تحليلي لهذا السلوك الصادر من المعلم استنتجت أن تفكيره كان خارجا عن الصندوق، وباحترافية خبير متمرس لتوجيه الطلاب إلى تعزيز تفكيرهم العميق لأسلة المادة التي بين أيديهم، مما يسبب التحفيز الذاتي للمعرفة المخزونة لديهم وأسلوبا لاسترداد ذاكرتهم البعيدة والقريبة بطريقة ترفيهية تعليمية غير مألوفة.

وأرى من وجهة نظري السلوكية المعرفية بأن تصرف ذلك المعلم ينبع من تفكير عميق أراد به استثارة العقول داخل هذا الصندوق، بما يترتب عليه من العزلة الموقتة التي تشعر الطالب بالاعتماد الذاتي كليا على تفكيره وتحليله ومعرفته المنطقية، وفي علم النفس المعرفي والذي يكتشف العمليات الذهنية الداخلية كالانتباه والتذكر والتحدث وحل المشكلات. والقدرة على استخدام الأساليب العلمية كالإحصاء والملاحظة والمقارنة والتجريب، ودعم الحالات الذهنية العميقة للعقل البشري مثل الإيمانيات والرغبات والأفكار المعرفة والخبرات والدوافع. والأشخاص المتبنون لعلم النفس المعرفي على يقين تام بأن الإدراك له تأثير على العلاج المعرفي السلوكي، حيث يستخدم مزيج من علم النفس المعرفي والتحليلي السلوكي للعلاج، سواء كانوا مرضى أو كمثل حالة المعلم مع طلابه في استثارة خبراتهم ومخازنهم التراكمية للحل الفردي، ليستطيع أن يقيس مدى قدرة كل طالب وتمييزه عن الآخر.

ونظرية السيكولوجيا للتعلم والتعليم طبقت مفاهيم عدة للإدراك والفهم، هي:

• مفهوم «إدراك الإدراك» الذي يركز على طرق التفكير والمعرفة عن كيفية تقييم الطلاب ومدى معرفتهم الشخصية.

• مفهوم «المعرفة الوصفية» وهي المعرفة الواسعة لمختلف ما يدركه الطلاب في حياتهم العلمية والحياتية.

• مفهوم «المعرفة الإجرائية» وهي التي تتعلق بإجراء الطالب لمهمة محددة وبعينها.

• مفهوم «تنظيم المعرفة» وهي تصنيف المعرفة في العقل بشكل هرمي ومنظم ورسم الخرائط الذهنية الموصلة لكيفية عمل الذاكرة للاستجابات السريعة في حال وجود اختبار أو قياس معين لتحديد مستوى الطالب.

فكل هذه المفاهيم ما هي إلا نتاج لخبرات ونظريات تدعم الطالب لتحفيزه بطرق غير مألوفة أحيانا من خارج الصندوق لتجعله حبيسا بعقله يفكر داخل الصندوق.

@Yos123Omar