فهيد العديم

السبهان بين تقاعس الثقافة وإنصاف الدخيل!

الاثنين - 30 سبتمبر 2019

Mon - 30 Sep 2019

بعد أن حقق الشاعر السعودي سلطان السبهان إحدى أهم جوائز الشعر في العالم العربي - إن لم تكن الأهم - بحصوله على المركز الأول في مسابقة أمير الشعراء في أبوظبي، فإن البدهي أن تحتفي به المؤسسات الثقافية في بلده، وهذا من أقل حقوقه، لكن ذلك لم يحصل، لا على المستوى الرسمي ممثلا بوزارة الثقافة، ولا ببقية المؤسسات كالأندية الأدبية أو جمعيات الثقافة والفنون.

كانت اللفتة التي حفظت ماء وجه القصيدة آتية من خارج الجهات المعنية بالثقافة، أقصد التكريم الرائع من سعادة سفيرنا المثقف الأستاذ تركي الدخيل سفير المملكة العربية السعودية لدى دولة الأمارات، حيث تم تكريم الشاعر الرائع سلطان السبهان في احتفالية اليوم الوطني.

ولا أخفي بهجتي برمزية اختيار زمان التكريم، كما أنني أحيي سعادة السفير تركي الدخيل على هذه المبادرة، وهذا الحس العالي الذي أعاد السبهان ليكرمه من المكان نفسه الذي تسلم منه بردة الفوز الأول، وكأن قدر المبدع أن يرتحل دوما ليبث صوته بعد أن ييأس من أن يسمع له صدى، وكأنما مقولة (زامر الحي) قدر للمبدع العربي. والمفارقة التي جعلت للمرارة مسارب أخرى أن صاحب المركز الرابع بعد أن عاد إلى بلده تم استقباله من رئيس مجلس الوزراء، فيما صاحب المركز الأول لم يحظ بالتفاتة من المؤسسة الثقافية في بلده.

وليسمح لي الأستاذ بأن أقترح عليه اقتراحا جادا جدا، فأنا أدعو الأستاذ سلطان أن يموت!

نعم مت يا صديقي، فنحن لا نكرم الأحياء، فإن لم تستطع الموت (فاستموت) ودعني أنقل خبر رحيلك، وأنت استرق السمع، سترى كم أنت عظيم، ستكتشف أننا أصدقاؤك الخلص، سيخرج النقاد والمثقفون بكلمات عظيمة، ستتسابق الأندية الأدبية لتأبينك بكلمات تتصنع الدمع، ويتكفلون بطباعة مجموعتك الشعرية، وستتصنع المؤسسات الثقافية الحزن ببيانات باكية على رحيل الشاعر العظيم،وبالتأكيد سيخرج من يطالب بأن تدرس قصائدك في المناهج، وربما يسمى شارع باسمك، المهم ألا تحاول أن تحيا (ادخل على الله)، فأنا أيضا سأروي عنك الحكايات والوصايا، وربما استطعت أن أقنع المسؤولين بمسقط رأسك أن يضعوا لك تمثالا يجعلك أشهر من (أبي قعر)!

سلطان هنا ليس هو المقصود بذاته - رغم استحقاقه لذلك - لكنه أنموذج لحال المبدع، ففي الوقت التي تتبنى فيه وزارة الثقافة مبادرات مثل تفرغ المثقفين، نجدها لا تلتفت للمثقف الذي أنجز مشروعه دون أدنى جهد منها، فمن اشتغل على منجز أدبي دون دعم الوزارة، فإن أقل ما تقدمه له شكر يليق بحجم المنجز، بحجم رفع علم المملكة العربية السعودية في مقدمة ممثلي دول العالم العربي، فشكرا للشعر الذي يرفع راية وطني في المحافل، شكرا للسفير المثقف تركي الدخيل، وحبا يا سلطان.

@Fheedal3deem