محمد أحمد بابا

صنعة في اليد مهنة الغد

السبت - 28 سبتمبر 2019

Sat - 28 Sep 2019

باستطلاع بسيط نجد مهارات المستقبل الرائجة في الطلب لها علاقة باليد مع إعمال الفكر، ورغم تنامي تقنية المعلوماتية، إلا أن اليد لا تزال هي عامل السبق في حرفية الأداء المتميز.

وفرصة الاستخدام الأمثل لجارحة عظيمة الامتنان من ربنا تعالى وهي (اليد) لا تغيب عن أفق المخططين ولا الناظرين للتنمية والتطوير وحياة أيسر وأسهل وأنفع، وحين يتم التعامل مع بعض ميراث اجتماعي وثقافي قصر الحرفة اليدوية على جنس أو عرق أو جعلها نازلة بالفرد نحو قلة الاعتبار بكثير من التطويع المستحق لمقاصد الدين الحنيف وعولمة العمل في العصر الحاضر، نجد أنفسنا في بوابة فرص للشابات والشباب تفوق إحاطة الداعمين ورعاية المختصين، فاليد الماهرة القوية المتناغمة مع الفكر الخلاق المتجدد ليست بغائبة أبدا في شبابنا اليوم، بل هي فيهم عادة وأساس تكوين وقناعة انخراط.

لكن الفرصة إن شاخت دونما استغلال ولا تسهيل ولا فرضية فرح لمن نحا باتجاهها تكون كمقدرات لا تستثمر فتبقى حبيسة الآمال والمثاليات الكلامية المجردة، وما منا إلا وهو معجب ظاهرا أو باطنا بشباب مسلم عربي خدم الناس في صناعة يدوية، أو تجهيزات تحتاج أيدي عاملة ماهرة، أو اتجه لاستثمار يديه كمخترع أو مبدع أو خياط أو خطاط أو غير ذلك، والله تعالى يقول «وعلمناه صنعة لبوس لكم» لنعلم بأن المهنة اليدوية حين نسبت لتعليم الله فهي أعظم الفرص تشريفا ولو تجاهلنا.

ورغم التحدي العرفي بالعادات والتقاليد، إلا أنه آخذ في الأفول عطفا على تنامي تقدير المجتمعات لأخطاء اعتبارات الماضي، وما لمسوه من فرق بين زمن وآخر، لكن التحديات باقية، تدفع نحو واجبات مجتمعية وحكومية لتفعيل أنظمة حقيقية ملموسة التأثير لاحتضان أيدي شباب وشابات لوحوا كثيرا حتى تعبوا وملوا وكلوا، فخسرناهم وخسروا ثقتهم في مهارة أيديهم، وتحدي الأيدي العاملة ذات الأصالة في جودة الإنتاج ينجح فيه كل إطار استثماري صبر ليظفر، وبنى وشيد لتسكن قلوب الشباب راحة أن العربي المسلم الماهر في دهان السيارات قادر على استقطاب السوق مثلا في وطنه أكثر من غيره حين تتوالى أجيال تتعلم المهن باعتبارها «صنعة في اليد» لا تُنسى ولا تبلى.

والشباب الوطني قادر بامتياز ورغبة طموح حين تذلل العقبات ويتجرأ المنصفون على تقدير يد شابة تخصصت في الديكورات الجبسية بدل عمالة أتخمت السوق بغث وقليل من سمين، ويد شاب امتهنت الحلاقة بدل صالونات ربما لم تكن للحلاقة أصلا.

albabamohamad@