أحمد صالح حلبي

الحج الأخضر

الخميس - 26 سبتمبر 2019

Thu - 26 Sep 2019

في أوائل عام 1439 هـ وتحديدا في 18 ربيع الأول من ذاك العام، نظمت لجنة الصحة والبيئة بالمجلس البلدي بالعاصمة المقدسة ورشة عمل تحت عنوان «معالجة الأثر البيئي للعمل الخيري»، وكان من بين محاورها المطروحة «إيجاد الحلول المناسبة لتقليل الأثر البيئي للعمل الخيري في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة»، ويومها تحدثت رئيسة جمعية البيئة السعودية الدكتورة ماجدة أبو راس عن المخلفات الناتجة عن الوجبات الغذائية الموزعة للحجاج بالمشاعر المقدسة، وطالبت بضرورة العمل على توفير بيئة نظيفة خالية من الملوثات من خلال تطبيق برنامج الحج الأخضر، خاصة بعد أن برزت فكرة تأسيس استراتيجية «الحج الأخضر»، التي قدمتها جمعية البيئة السعودية، ودعمها مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، رئيس لجنة الحج المركزية، الأمير خالد الفيصل؛ لإيجاد بيئات نظيفة وخالية من القمامة، والمساهمة في إيجاد آلية واضحة لإدارة النفايات.

وانطلقت مبادرة الحج الأخضر في مرحلتها الأولى عام 2018، تحت شعار «حج بلا بلاستيك» وطبقت خلال موسم حج عام 1439 هـ في مواقع محدودة من المشاعر المقدسة، تضمنت 16 مخيما، وبلغ عدد العاملين فيها 25 باحثا وخمسة مشرفين متطوعين، إضافة إلى فريق إدارة النفايات في كل مخيم مكون.

وفي موسم حج العام الماضي 1440 هـ، حظيت المبادرة باهتمام أكبر، وبرز ذلك من خلال الجهد المبذول والعمل المشترك بين فريق المبادرة بقيادة الدكتورة ماجدة أبو راس، ومؤسسات الطوافة وعدد من مؤسسات حجاج الداخل، كما دخلت وزارة الحرس الوطني في المبادرة عبر اتفاقية وقعتها الوزارة مع جمعية البيئة السعودية، تلتها اتفاقية أخرى وقعت مع مكتب الزمازمة الموحد إبان فعاليات ملتقى الحج والعمرة، بهدف إيجاد مخيمات صديقة للبيئة للحد من التأثيرات السلبية على بيئة المشاعر المقدسة.

وجرى تنفيذ جوانب كثيرة من مبادرة الحج الأخضر في حج العام الماضي 1440 هـ، التي تعتمد على وضع معايير بيئية صارمة، تستهدف إعادة تدوير مخلفات الحجاج في مخيماتهم، من خلال الحجاج أنفسهم، بمساهمة كل حاج بأخذ مخلفاته بنفسه وفرزها عند وضعها في النفايات إلى جافة وعضوية، قبل أن تباشر إدارة المخيم بمعالجة النفايات العضوية بالموقع لتأخير عملية التحلل، وتنتهي العملية برمتها ببيع أطنان من النفايات الصلبة للتجار لتدويرها، فيما ستذهب الأموال التي يتم جنيها إلى جمعيات وجهات خيرية.

ولكون «المبادرة تجاوزت مرحلة التجارب بنجاح، بعد تطبيقها في السنة الماضية على عدد محدود من المخيمات»، كما قالت الدكتورة أبو راس، فإن المشاركين بها سواء من مؤسسات الطوافة أو مؤسسات حجاج الداخل أو وزارة الحرس الوطني، قد أدركوا أهميتها وعملوا على تطبيقها وتنفيذها بشكل دقيق، وهذا ما رأيناه متمثلا في مؤسسة مطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا وأستراليا التي طبقت المبادرة في جميع مخيماتها الــ 57، كأول مؤسسة تعمم المبادرة بجميع مخيماتها.

وإن كانت المؤسسات المشاركة حرصت على تعزيز الوعي البيئي لدى حجاج بيت الله الحرام، وعملت على وضع شعارات تعريفية للمبادرة بلغات الحجاج، فإننا نأمل أن تنظم جمعية البيئة السعودية لقاء يجمع منسوبي مؤسسات الطوافة ومؤسسات حجاج الداخل المنفذين للمبادرة، تطرح خلاله النتائج المحققة، ليتعرف المشاركون على نتائج تقييم أعمالهم، وتكرم أفضل مؤسسة أبدت تعاونها مع المبادرة.

[email protected]