عبدالله المزهر

قميص هيئة الترفيه!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 25 سبتمبر 2019

Wed - 25 Sep 2019

كنت قد كتبت مرارا قبل سنوات عن الفقر الترفيهي في السعودية، وأن أي إجازة يجدها السعودي فإنه يفر إلى خارج البلاد إن استطاع إلى ذلك سبيلا. رؤية ذلك الواقع لم تكن تحتاج إلى قوة في الملاحظة والتبصر والتدبر. وصحيح أني أحب الموسيقى وأكره الحفلات الغنائية، لكن هذا لا يعني ضد وجودها، وقد كانت الحفلات الغنائية وحفلات المطربين موجودة في عز توهج الصحوة، وبإمكانكم الرجوع لليوتيوب وستشاهدون مطربين وحفلات من كل صنف ولون ـ أنصحكم بمشاهدة حفل نادي الاتفاق بمناسبة فوزه بالدوري ـ ولا أعلم لماذا ينظر إليها الآن على أنها كفر بعد إيمان.

وأظن أن الذي استجد الآن هو احترافية التنظيم وجود وسائل التواصل وسهولة الإعلان ونقل ما يحدث فيها والتعليق عليها.

والحقيقة أني كنت أود أن أعجب بعض الجمهور وأنتقد الهيئة ورئيسها لكني تراجعت عن ذلك لسببين، الأول أن سمعة رئيسها مخيفة بعض الشيء وأنا جبان ـ كما تعلمون ـ ولا أود المخاطرة بانتقاد شخص مع أني لا أجد في عمله ما يستحق كثرة اللوم والنقد التي توجه له ولهيئته وهذا هو السبب الآخر.

فسواء كنت تكره رئيس الهيئة أو تحبه إلا أنه أولا وأخيرا رئيس «هيئة الترفيه»، لا يمكن توجيه انتقادات لا تخص عمله والجهة التي هو مسؤول عنها، وفكرة الحديث عن البطالة والسكن بعد كل إعلان من هيئة الترفيه تبدو فكرة حمقاء بعض الشيء، لأن كثيرا جدا من فعاليات الهيئة تصرف على نفسها بنفسها، وكون رئيس الهيئة استطاع أن يجد مداخيل لأنشطة الهيئة التي يشرف عليها فهذا يحسب له لا عليه، وإن كنت ضد وجود الهيئة والترفيه من الأساس فهذا أمر آخر ليست الطريقة المناسبة لنقاشه أن تحمل الهيئة مسؤولية فشل وزارة الإسكان أو العمل أو أي وزارة أخرى.

ولا أظن أنه توجد إشكالية في انتقاد بعض عمل الهيئة، أو حتى رئيسها، مثل الدعوة للاقتراض من أجل الترفيه التي يبدو لي أنها لم تكن دعوة موفقة وتناقض التوجه العام بالدعوة للترشيد وتغيير الثقافة الاستهلاكية.

لكن طريقة النقد نفسها كانت مضحكة، لأنها اعتمدت في الغالب على المقارنة بين قروض الترفيه وقروض الإسكان وكأن تركي آل الشيخ مسؤول عن القطاعين، والحقيقة أني أتمنى أن يصبح رئيس الهيئة وزيرا للإسكان، لأن لديه قدرة على جذب الأنظار تجاه القطاع الذي يرأسه. والإسكان يحتاج إلى شيء من الضوضاء، فربما يأتي دور المواطن ليستفيد كما استفاد العقاريون من الوزارة.

ولعل أكثر ما يوجه للهيئة من انتقاد أن جل اهتمامها يرتكز على الحفلات الغنائية، وعدم مراعاتها لكافة توجهات المجتمع ورغباته، وهذا صحيح في الظاهر لكن الواقع يقول إن الهيئة لديها أنشطة أخرى، وربما يكون النقد الصحيح هو أنها لا تعلن عنها وتروج لها بذات القوة التي تستخدمها مع الحفلات.

وعلى أي حال..

كثير ممن ينتقد عمل الهيئة من الداخل والخارج لا تعنيه الهيئة بذاتها، ولم ينفطر قلبه على «ضياع» دين السعوديين، كل ما في الأمر إما أنه يعتبرها الممر الآمن لتوجيه انتقادات لجهات لا يستطيع انتقادها بشكل مباشر، أو أنه يجد في بعض فعالياتها ما يمكن أن يعزز فكرته في الإساءة إلى السعودية عموما.

agrni@