جبريل العريشي

المرأة السعودية على طريق المساهمة في تنمية الاقتصاد والمجتمع

الاثنين - 23 سبتمبر 2019

Mon - 23 Sep 2019

يستطيع المرء أن يرصد التغيرات الثقافية والاجتماعية في المملكة باستقراء ما تم تدوينه عن النساء في الحقب الزمنية المتتالية، منذ نشأة الدولة السعودية الحديثة في بداية القرن العشرين حتى الآن. صحيح أن الطبيعة المحافظة للمجتمع قد أدت إلى ندرة الكتابة عن النساء، حتى وإن كن ناجحات في أعمالهن، إلا أن الأمر قد اختلف في العقدين الأخيرين، بعد أن زادت نسبة التحاق الفتيات بمراحل التعليم العالي، وزادت بالتالي مشاركة المرأة في المجالات المختلفة، حيث يمكننا رصد كتابات كثيرة عن النساء خلال هذه الفترة، خاصة في المجالات البحثية والعلمية، وهو ما يدل على أن المجتمع يتغير.

وعندما يُنشر مؤخرا خبر عن أن شركة أرامكو السعودية قد دربت امرأتين سعوديتين على مقاومة الحرائق ضمن برنامج تدريبي اعتادت الشركة أن تقدمه، وعندما تصرح إحدى الفتاتين بأنها استلهمت مشاركتها في برنامج مقاومة الحرائق من والدها الذي كان رجل إطفاء شغوف بعمله، وبأن والدها فخور جدا بأن الجيل الثاني من عائلته يواصل إرثه، فنحن إذن إزاء تغير ليس بالهين.

ورغم ذلك، فنحسب أنه لا زال أمامنا الكثير.

فبالرغم من أن عدد خريجي الجامعة من الذكور في المملكة يقترب كثيرا من عدد الإناث، وذلك حسب إحصاءات عام 2017، وأن عدد الملتحقين بالتعليم الجامعي من الإناث يفوق عدد الذكور في العام نفسه، إلا أن عدد النساء العاملات يبلغ نحو 22% من عدد الرجال كما صرحت رؤية المملكة 2030، كما أنه لا يوجد توازن بين أجور النساء والرجال. فمتوسط أجر النساء في الوظائف يقل عن أجر نظرائهن من الرجال، وقد يبلغ في بعض المهن نصف أجر الرجال، كما أفادت به تقارير هيئة الإحصاء. ومن ثم فلا يمكننا القول بأن مستوى التعليم العالي الذي تحصل عليه النساء في المملكة يستغل كما ينبغي.

ومن جانب آخر، يوجد تصور عام لدى كثير من مواطني الدول النامية، ومنها المملكة، بأن المرأة الغربية قد حققت المساواة الكاملة مع الرجل. لكن حقيقة الأمر أن هناك مبالغات كبيرة في هذا الشأن. فهناك تفرقة من نوع ما بين الرجال والنساء في الدول الغربية تحول دون مساهمة المرأة الكاملة في النشاط الاقتصادي.

فوفقا لدراسة أجرتها منظمة العمل الدولية (ILO) بشأن النساء العاملات والمديرات التنفيذيات، لا زال تمثيل النساء ضعيفا في الإدارة العليا، فبالكاد تشكل النساء نسبة 5% من الرؤساء التنفيذيين في الشركات الكبرى على مستوى العالم. وكلما كبر المشروع كان من النادر أن ترأسه امرأة.

وفي الشركات، فإن مجالس الإدارة الذكورية هي الغالبة، وإن كانت آخذة في الانخفاض، حيث تشغل النساء حوالي 20% من المقاعد في عدد قليل من البلدان. وقد أظهرت دراسة استقصائية عالمية بهذا الشأن أن النرويج لديها أعلى نسبة من الشركات (13.3 %) التي تتولى فيها امرأة رئاسة مجلس الإدارة، كما أن هناك تركيزا لعمل النساء في أنواع معينة من الأدوار القيادية، مثل الموارد البشرية والإدارة. ومن ثم فإن مستوى التعليم العالي الذي تحصل عليه النساء في هذه الدول لا يستغل أيضا بصورة كافية.

لقد صدعوا رؤوسنا بادعائهم أن المرأة في بلدنا لا زالت تعيش في عصر الحريم، وها هي الإحصاءات الوطنية تبين أن المرأة السعودية قد قطعت شوطا لا بأس به في سوق العمل، وأن الدولة مستمرة في تنمية مواهبها واستثمار طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها والإسهام في تنمية الاقتصاد والمجتمع، وذلك كما جاء في رؤية المملكة 2030. بينما تبين الإحصاءات الدولية أن هناك حواجز غير مرئية بين الرجل والمرأة في الدول الغربية وعلى مستوى العالم، تتسبب في عدم المساواة بينهما في سوق العمل، وفي تركيز وظائف المرأة على المجالات الإدارية.

لقد أصبح مثلنا والدول الغربية كمثل متسابقين، أحدهما - الذي اعتاد الفوز - يتعثر، والآخر يهم ليلحق به. فهلا كنا أكثر ثقة في سياساتنا الرامية لتمكين المرأة.