فيصل الشمري

تكريم يومنا الوطني

الاحد - 22 سبتمبر 2019

Sun - 22 Sep 2019

23 سبتمبر يستحق مكانة خاصة في قلوب كل السعودين. في هذا اليوم من عام 1932 تم تأسيس بلدنا الموحد في عالم مختلف تماما عما هو عالمنا اليوم. تأسست دولتنا في ذروة عصر الإمبراطوريات والاستعمار، في أعماق فترة الكساد الاقتصادي العظيم، عندما كان هتلر وحزبه الاشتراكي الوطني على وشك تولي السلطة في ألمانيا وتحويلها إلى نازية، وعندما بدأ ستالين سعيه للحصول على السلطة المطلقة في روسيا.

في عام 1932، بدأ ظهور بداية الحرب العالمية الثانية في شمال شرق آسيا مع غزو اليابان لمنشوريا الصينية. في أول يوم وطني لنا بدأت القوى الاستبدادية في تقديم عروضها للسيطرة العالمية. في منطقتنا كانت فرنسا في المغرب والجزائر والشام، وكانت إيطاليا في ليبيا والصومال وإريتريا، وكانت بريطانيا في مصر وفلسطين والعراق.

عندما نرى ما حدث منذ 23 سبتمبر 1932، فإنه من الموضوعي أن نحتفل بما تم إنشاؤه في وطننا. دعونا نكرم يومنا الوطني من خلال النظر إلى المسار الذي سلكناه، وكيف تغير العالم، وأين نجد أنفسنا اليوم وما هي مكتسباتنا؟

المملكة التي أسسها الملك عبدالعزيز آل سعود، تفوقت واستمرت أكثر من روسيا البلشفية وألمانيا هتلر النازية والإمبراطورية البريطانية وحقبة القومية العربية، ومرت في حقبة الحرب الباردة وتأثيراتها وحقبة الصحوة وحرب الخليج الأولى والثانية. قلة قليلة من الناس، إن وجدت، وقت أول يوم وطني لنا كانت سوف تراهن على هذه الدولة الحديثة بأن تستمر وتصبح قوة إقليمية ودولية. في القرن الـ 21 وجدت المملكة العربية السعودية نفسها في طليعة المجتمع الدولي، سياسيا واقتصاديا في المنطقة وخارجها.

لو أخبرنا أجدادنا ما ستكون عليه هذه الدولة اليوم التي حاربوا مع المؤسس لتوحيدها وتأسيسها؟ لكان من الصعب أن يصدقوا ذلك. انتقلت الرياض من مدينة صغيرة في إقليم نجد إلى مدينة مزدحمة ذات مكانة عالمية. عقد الملك عبدالعزيز أول لقاء مع الرئيس الأمريكي على متن سفينة بحرية لبدء العلاقات السعودية الأمريكية. الآن يزور الرؤساء الأمريكيون الرياض وأحيانا تكون من محطاتهم الخارجية الأولى كشركاء على أعلى مستوى استراتيجي لكلا الجانبين.

كانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول الموقعة على ميثاق الأمم المتحدة الذي تم تأسيسه في الأشهر الأخيرة من الحرب العالمية الثانية. وتعد أرامكو السعودية واحدة من أكبر الشركات التي شهدها العالم على الإطلاق، وهي واحدة من ثمار هذه العلاقة التي تطورت منذ عام 1932. الجزيرة العربية التي تغطي المملكة العربية السعودية معظم أجزائها موطن لعديد من الحضارات التي تجعلنا من أغنى الحضارات التي عرفها العالم على الإطلاق، إرث منطقتنا التاريخي عظيم من الحضارات القديمة، مثل مملكة دادان ومملكة لحيان (600 ق م- 150 ق م)، مملكة الأنباط (150 ق م- 106 م). مملكة حمير الأولى والثانية (110 ق.م - 527 م). وفي وسط الجزيرة هناك مملكة كندة (200 ق.م – 633م).

يعمل أشخاص من جميع أنحاء العالم في المملكة في مهن ذات مهارات عالية، يحصلون على رواتب تتجاوز ما يمكنهم الحصول عليه في بلدانهم الأصلية. نحن أهم مصدر للبترول وللتصنيع البترولي والبتروكيماويات وتكنولوجيا الطاقة حول العالم، وقد بدأنا هذه الرحلة في 23 سبتمبر 1932.

اليوم نحن في منطقة من عدم الاستقرار والصراعات، وفي بعض الحالات كانت غارقة في اليأس والسادية والموت. تقف المملكة العربية السعودية في المقدمة ضد المحرضين المتحاربين الذين يقدمون الألم والموت لشعوب المنطقة، وتحتل مملكتنا مكان الصدارة في الإنسانية، حيث تشارك دولا تعد من بين الأهم جيوسياسيا اليوم.

بقيادة الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، قفزت المملكة العربية السعودية إلى القرن الـ 21 مع رؤية 2030، إلى السعودية المستقبل ما بعد النفط التي ترتكز على الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، نحن الجسر الرابط بين أوروبا والشرق الأوسط وآسيا. المملكة في يومنا الوطني الـ 89 لن يصدق أجدادنا أنها هي نفسها.

إن ما وصلنا إليه اليوم يأتي بمسؤولية ووعي كبيرين، من نحن؟ ومن أين أتينا؟ وإلى أين سنصل؟ يجب أن يكون هذا وعي الشباب السعودي. قال ذات مرة الإمبراطور الفرنسي نابليون «يظهر التاريخ أن مصير بلد من البلدان يكون أحيانا رهنا بيوم واحد، ولكنه يظهر أيضا أن التحضير لهذا اليوم غالبا ما يتطلب السنين الطوال»، لقد كان على حق. لنكن على قدر من المسؤولية والقدرة على مواجهة ذلك اليوم بالعمل الجاد من أجل الوطن. «لا تسأل عما يمكن أن يفعله بلدك لك، اسأل ما يمكنك القيام به لبلدك»، الرئيس جون كينيدي في خطاب تنصيبه عام 1961.

اليوم نكرم يومنا الوطني، نكرم مكتسباتنا، نكرم المساجد المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتاريخنا وحضارتنا، ونكرم أجدادنا، ونكرم قادتنا وجنودنا الشجعان الذين يقاتلون في اليمن من أجل سلامنا وأمننا، وأعضاء القوات المسلحة والحرس الوطني وآباءنا وأمهاتنا. إننا نفعل ذلك لكيلا لا ننسى أبدا من أين أتينا، وأين نحن اليوم، وإمكانات مستقبلنا إذا كنا نكرم ماضينا ونحترمه.

mr_alshammeri@