علي المطوع

السعودية في عيدها التاسع والثمانين

الجمعة - 20 سبتمبر 2019

Fri - 20 Sep 2019

لو استعدنا ملحمة التوحيد التي خاض غمارها الملك عبدالعزيز لوجدنا أنها ملحمة عجيبة عظيمة، هذا الرجل تعاطى السياسة من واقع فطرته وسجيته، قاتل وناور وهادن وصالح، كل ذلك وفق معطيات الزمان والمكان وما تقتضيها من متطلبات ومتغيرات.

الساحة السياسية في ذلك الوقت كانت مليئة بالأسماء القوية والنافذة، لكن إرادة الله انحازت لعبدالعزيز ليكون الملك وتكون مملكته هي المملكة العربية السعودية.

بعد هذه المشيئة تأتي الأسباب التي صنع عبدالعزيز أكثرها، بصبره وجلده، فاستغلها أحسن استغلال، وبعض تلك الأسباب ساقها إليه الرحمن، في صور من الفرج والتمكين، لتسرع من صناعة ملك ومملكة وشعب.

هذه الأسباب من وجاهتها وعظم نتائجها ما زال كثيرون يعيدون تدويرها، بحثا وتقصيا وتحليلا، والبعض الآخر يعيد ترتيبها وقصها ثم لصقها ليجعلها تبدو وفق ما يريده كصورة نمطية حاقدة تريد الشر بهذا الكيان وأهله.

حسب عبدالعزيز ومملكته وشعبه أنهم كانوا وما زالوا أيقونة التاريخ الخالدة وصورته الناصعة.

من لا يؤمن بالسعودية كيانا وشعبا فهذا الكلام يؤلمه ويجعله يستنفر شيطانه وشياطين أقرانه للقدح في هذا البلد وشعبه.

قدر السعودية أنها نشأت في ظرف استثنائي، كان العرب فيه أمة نائمة نائية منبوذة مستعمرة من خليط من القوى تتصارع فيما بينها، لتجعل من هذه الكيانات العربية مستعمرات دائمة، وإن تغير المستعمر أو تبدل أو رحل، لكن السعودية كانت الاستثناء من ذلك، فهي على مستوى التبعية لم تكن في يوم من الأيام حديقة خلفية لا لشرقي ولا لغربي، وعلى مستوى معيشة إنسانها فقد كان مستقلا بحياته ولوازم عيشه، كرامته جعلته منعزلا في صحرائه وسهله وجبله، يأكل من خيرات أرضه ويشرب من مائها، دون أن يطلب صدقة أو معروفا من بلاد الشرق أو

الغرب، من بلاد تجري الأنهار من تحتها ويتغشاها المطر في كل فصول العام ليجعلها الجنان الموعودة والنعيم المقيم في الدنيا.

هذه البلدان كانت لا ترى في الجزيرة العربية وأهلها إلا زيادة عددية ومساحة جغرافية وشيئا من التاريخ يحضر في أمهات الكتب ويغيب عن الحاضر وحضارته، وعندما منّ الله على هذه البلاد بالوحدة والخير والنماء، صار قدحها هدفا، والتشفي بأوجاعها مطلبا، وتهديد أوضاعها شرفا ومكانة تجعل صاحب هذا الطرح بطلا عربيا حرا أبيا!

لم ولن يتعرض كيان على هذه الأرض لما تتعرض له السعودية وأهلها من ظلم وعداوة وافتراء، وهذا قدرها، لأن ذلك يزيدها رفعة وعلوا في الحياة كأرض وفي الممات كرموز وبشر.

يأتي اليوم الوطني والسعودية تتعرض لأشرس حملة وجودية عارمة غارمة، والأخيرة هي للشرفاء من الأمة والمستضعفين الذين ينتظرون خير هذه البلاد، ناهيك عن اقتصاديات العالم، وما سيشوبها من كساد وتراخ، هذه الحملة العدوانية تستهدف الأمة بأجمعها، مستهدفة السعودية قلبها وقالبها وحصنها المنيع، في زمن تغيرت فيه بوصلة العداء الصحيح، فبدلا من أن توجه لإيران وإسرائيل، صارت السعودية وأهلها هدفا مشروعا ومشرعنا لعباد المال وقالبي الحقائق ومرتزقة الدرهم والدينار، هؤلاء يعيشون ليأكلوا، وإذا أكلوا لم يشبعوا، وإذا شبعوا لم يطعموا.

في يوم الوطن يتجدد الولاء ويتغشانا الأمل، رغم الألم من جحود إخوة لنا، مددنا لهم أيدينا في السراء والضراء فعادت إلينا محملة بكره وحقد وسوء وبغضاء، هؤلاء قلة قليلة تحاول تشكيل حالة من السخط ضد السعودية ومكانتها، متسلحين بسذاجة البعض وطيبة آخرين، متذرعين بأسباب واهية وأمور غريبة بعيدة عن الصدق والمصداقية، لهؤلاء وأمثالهم نقول: السعودية وشعبها ماضون نحو أحلامهم وطموحاتهم وأنتم في غيكم ماكثون، وشتان بين من يمضي مسارعا للمجد والعلياء ومن يظل يتجرع مرارة السخط والحقد والكيد والحرمان.

alaseery2@