عبدالحليم البراك

أخي خويتم وحرمه!

الاثنين - 16 سبتمبر 2019

Mon - 16 Sep 2019

لكم العزاء كله في وفاة ابنكم وقرة عينكم، نسأل الله أن يتقبله في الصالحين وأن يشفع به، ويرزقكم الصبر والاحتساب، وإن الموت مصاب جلل للحي قبل الميت، وإن كان الميت - غفر الله له - ابنكم، فالمصاب أعظم، ولكن إيمانكم بالله سبحانه وتعالى واحتسابكم هما ما يخفف المصاب، وإن ثناء الناس على موقفكم النبيل وشجاعتكم في استقبال ما أصابكم، وشعوركم بشعور الأب والأم في (الطفل الآخر) لهو نبل آخر يضاف إلى نبلكم، فنسأل الله أن يجزل لكم العطاء ويرفع عنكم مصابكم والألم.

إن عفوكم رغم الألم، لهو ما تتحدث به الأجيال عنكم، فإن لكم ميزة - قد لا تكون - عن غيركم، شعوركم النبيل، وإحساسكم العظيم بما يعتصر الأب من ألم، والأم من حزن عظيم، وكفى بهما ميزة وشعورا، فأحببتم أن تخففوا الألم عن الطفل الآخر وأهله بالعفو، فالله أسأل أن يعفو عنا وعنكم، وأن يجزل لكم العفو بالدنيا قبل الآخرة، وأن يرزقكم هدوءا فوق هدوئكم، ويقينا على يقينكم، وأن يصبركم على مصابكم.

أخي خويتم وحرمه الكريمون، قد لا تقرؤون كلماتي هذه، وقد يكون الألم قد صرفكم عن متابعة ما يكتب عنكم، لكن هذا لا يعفي كاتبا أن يثني على كل معاني الإنسانية، والمكارم العربية، والشيم الإسلامية التي صبغت دمكم، وظهرت في تصرفاتكم في العفو عن كل ما كان سببا في فقدكم لابنكم يوم تناسيتم الغضب، وأنكرتم الانتقام وأيقنتم أن عبث الطفولة هو من اختطفت طفلكم، لا طفلا آخر أخطأ أو معلما أهمل أو مدير مدرسة غفل، فوسع قلبكم الرحيم عفوا يذكره الناس لأبنائهم.

أخي خويتم وحرمه لقد أنكرتم أنفسكم، وفكرتم بغيركم ولم تفكروا بالدية، إذ لا يعوض مصابكم مال الناس مجتمعا، لكنه عوضكم العفو، وعوضكم دعاء الناس - وأنا منهم، فنسأل الله أن يكون احتسابكم هذا رفعة لكم ولابنكم ولأسرتكم، وتعليما للناس الخير وإغلاق باب للشر!

أخي خويتم وحرمه، قد لا يكون لكم واسع علم، لكن - بالتأكيد - لكم واسع حلم قل أن يحمله واسع علم، وقد لا يكون لكم واسع مال، لكن لكم واسع رحمة قل أن يحمله إنسان آخر، وقد لا يكون لكم واسع شهرة لكن حصلتم على دعاء الناس قاطبة، وقد لا يكون لكم فرصة أن تعلموا الناس الخير بألسنتكم فعلمتموهم بأفعالكم، فقليل يفعل ما فعلتم، وكثير يثني على ما فعلتم، نسأل الله لكم القبول، ولطفلكم الرحمة.

أخي خويتم وحرمه، وأنتم تغلقون أبوابكم ليلا استعدادا للنوم وقلوبكم تفتقد ابنكم، اعلموا أنكم أحييتم بيوتا، وأنقذتم بيوتا أخرى من الألم، فلتقر أعينكم بفعلكم الذي لا يفعله إلا قلب تعدى حدود الطبيعة الإنسانية، ليكون إنسانيا فوق مستويات الإنسانية الطبيعية، وسأعتبر نفسي محظوظا - خلاف غيري - أن لي نافذة أتشرف من خلالها بتقديم العزاء لكم نيابة عن كل أولئك الذين لا يستطيعون أن يوصلوا كلمات العزاء لكم،والشكر على عفوكم وكرمكم ورحمتكم. أكثر الله من الرحماء في بلدنا، وأعلى شأنهم ومد الله في خبرهم وسيرتهم.

اللهم اقبل من أخي خويتم بن سعد الحارثي صنيعه، وصبره وحرمه على فقد ابنهم، وألهمهم الصبر والسلوان، اللهم أمين!

@Halemalbaarrak