طلال الحربي

جامعة الملك سعود وذوو الإعاقة

الاحد - 15 سبتمبر 2019

Sun - 15 Sep 2019

لا شك أنها الجامعة الأعرق والأقدم، هي أم الجامعات السعودية كأول مؤسسة تعليمية سعودية بمسمى جامعة، التاريخ يتحدث عن نفسه والواقع يفصح عما هو آت في المستقبل، والمستقبل السعودي كله أمل بنجاحات وإبداع وتميز، ولكن تبقى الجامعات وفي مقدمتها جامعة الملك سعود منارة دروب العلم الذي ينفع الله به الوطن والإنسان، وكما هي مقدر لها أن تكون الأولى في كل شيء، فهي كذلك خطت الخطوات المنتظرة منها بثقة تامة نحو تعزيز مشاركة ذوي الإعاقات، وتمكينهم من خدمة أنفسهم والاستفادة من هذا الصرح العلمي الباشق بكل اقتدار واندماج إنساني ونفسي.

جامعة الملك سعود هيأت مراكز مخصصة لخدمة ذوي الإعاقة، سواء من الطلبة أو المراجعين، حيث أعدت للطلبة مركزا متخصصا يتابع أمورهم ويسهل حياتهم الجامعية من حيث الحرص على تهيئة المباني وقاعات المحاضرات ومشاركتهم في الأنشطة التي تناسب ظروفهم، وعلى مستوى خدمة ذوي الإعاقة من طلبة ومن غيرهم أنشأت عيادات خاصة لهم داخل مستشفى الأسنان، وهي العيادات الوحيدة المخصصة لذوي الإعاقة على مستوى المملكة، بل والمنطقة والإقليم يعمل فيها مهرة الاستشاريين والمتخصصين من ذوي الخبرات العالية في التعامل مع ذوي الإعاقة.

الجامعة نظرت لملف ذوي الإعاقة بنظرة شمولية، حيث راعت في الإمكانات التي وفرتها نوع الإعاقة التي لدى كل المعاق، وهذا هو المنشود والمطلوب، ألا تكون الخدمات نوعية وأقل تكلفة، بل شاملة عامة تراعي الأصول المتبعة والمطلوبة في عالم الوصول الشامل الخاص بذوي الإعاقة.

حقيقة شهادتنا مجروحة في جامعة الملك سعود، ولكن أتينا اليوم على ذكر هذه المبادرات الفعلية التي قامت بها الجامعة بمعنى الاحترافية الحقيقي في التصميم والتنفيذ، وهي رسالة من هنا نوجهها لكل جامعات ومعاهد بل ومدارس المملكة، بأن صاحب الإعاقة مواطن له الحق الكامل في أن توفر كل السبل والإمكانات له لخدمة نفسه وتحقيق رغباته وتوجهاته، وهذا الأمر قلنا ونكرر إنه ليس شفقة ولا منة، وإنما واجب وحق، وعلى كل صرح ومؤسسة ووزارة وجامعة ومعهد ومدرسة أن تحذو حذو جامعة الملك سعود، بل وتستفيد من خبراتها في هذا المجال.

عالم الوصول الشامل الذي يعنى بذوي الإعاقة ودمجهم وتمكينهم في المجتمع مبني على أصول دقيقة في العلم والتقنيات الحديثة، وليس مجرد رغبات، وإنما علم مفروض وفق الأنظمة والتشريعات المعمول بها في المملكة، قد يتحجج البعض بأن التكاليف عالية وأن هنالك مباني ومرافق بنيت سابقا ولا يمكن تعديلها وفق الوصول الشامل، وهذا تفكير عقيم لا يصلح، خاصة أن هذا العصر الذي نعيش فيه عصر النهضة الشاملة ورؤية المملكة 2030، إذ لا يوجد شيء اسمه مستحيل، وإنما هنالك لغة اسمها الإبداع والتميز والخبرات.

المطلوب أن نبدأ ومن ثم نقيم ونراجع، لكن أن نبقى متحصنين وراء التكلفة والاستحالة فهذا هروب من الواقع ومن المستقبل ومن الواجب، في كل نقطة حية من مسيرة الوطن هنالك مواطن ذو إعاقة يرغب بأن يخدم وطنه من خلال خدمة نفسه أولا، وبالتالي مهما حدثنا وطورنا ما زال هنالك من ذوي الإعاقة من لا يستطيع أن يدخل وزارة أو معهدا أو مدرسة أو جامعة، أو لا يستطيع أن يشتري ملابسه أو يدخل مطعما أو تموينات. فعن أي تحديث وتطوير نتحدث؟!

شكرا جامعة الملك سعود، وشكرا لكل كوادرها من مديرها إلى حارس بوابتها.

@alharbit1