العريفي دلال

التكويش الإداري

الخميس - 05 سبتمبر 2019

Thu - 05 Sep 2019

عذرا عزيزي القارئ أعلم أن تجهل تماما مصطلح «التكويش الإداري»، وأعلم أن سبب ذلك يعود إلى أن هذا التكويش لم تجربه يوما، ولم تسمع به أبدا! وأساسا «التكويش الإداري» لا يعرفه إلا موظفو «جزيرة ناورو»! وهي بالمناسبة جزيرة مختبئة وسط أحد محيطات هذا الكوكب. وفيها يعاني السكان من مشكلة إدارية اتفقوا على تسميتها بالتكويش، حيث يمارس كبار الموظفين هواية اصطياد الفرص والاستيلاء على كل ما تقع عليه أعينهم وتصل إليه أيديهم من ترشيحات وترقيات أو برامج تدريبية أو انتدابات أو حوافز أيا كان نوعها وحجمها.

ولا يتركون لصغار الموظفين حتى الفتات مما سبق، فتبقى أغلبية الموظفين في المنظمة مغيبة تماما عن كل ما تقدمه الجهات العليا لهم من فرص مهنية وسبل تطويرية، فلا يصل لعلمهم عنها شيء.

والسبب في ذلك أنها حين تنبع من الإدارات العليا لا تصب إلا في مصبات مديري المنظمات ومن في حكمهم، فينتقون منها ما يعجبهم، ويأخذون منها ما يشاؤون، ويجاملون بها أصحابهم ومن يعز عليهم، حتى يتركوها قاعا صفصفا، لا خير فيها ولا مكسب.

والتكويش الإداري سبب رئيس لجمود الموظفين، وتأخر منظمات المجتمع، وغياب التطوير (كما يعتقد سكان جزيرة ناورو). كما يرون أن هذا التكويش ليس إلا نوعا من أنواع التسلط والديكتاتورية التي لا زالت بعض العقول تعيش تحت ظلالها، وتقتات من أساليبها، وتسميها بغير اسمها. فبدلا من أن نعتبر التكويش استغلالا للمنصب، وسلبا لحقوق الأفراد، نجد أن بعض المديرين يتفننون بتجميل وتزييف المصطلحات لتتناسب مع ما يمارسونه من تعديات على حقوق الموظفين.

فإلى كل المديرين ومسؤولي الموارد البشرية وشؤون الموظفين في جميع المؤسسات أقول: اعلموا أن فقدان الحقوق داخل المنظمات يقود إلى خسارات أكبر، ويجر إلى فقدان أعظم، وحتما ستؤدي سياسة التكويش إلى تسرب الموظفين المميزين، وتحرم المنظمة من تحقيق غاياتها، وتؤثر سلبا على كل الطاقات والجهود التي تضيع هدرا بسبب تلك الممارسات. واعلموا أن مكان العمل لا يمكن أن يكون ساحة لاستعراض المجاملات وكسب المصالح الشخصية.

ولكل الأصدقاء في جزيرة ناورو أقول: لا يحق لأحد أن يصادر حقوقكم كموظفين، لكم ما لغيركم من فرص، لا تسمحوا لأحد أن يقتل فيكم روح التطوير، ولا أن يفتك بطموحاتكم المهنية.

ومنك - عزيزي القارئ - أرجو أن تخبر تلك الجزيرة ومديري منظماتها أن المناصب لا تدوم، وأن الكراسي لا تصنع لهم مجدا، وأن إنجازهم الحقيقي هو ما يقدمونه لمنظماتهم وموظفيهم، ولمجتمعهم وبلادهم.

darifi_ @