عبدالله المزهر

اعذروه، فلعله لا يلقاكم بعد عامه هذا!

الثلاثاء - 03 سبتمبر 2019

Tue - 03 Sep 2019

وعادت الدراسة من جديد، وبدأ العام الدراسي الذي كدنا لفرط الشوق إليه ننساه ونظنه خرافة من أساطير الأولين. ومن الطبيعي أن يتغير الوزير الذي أنهى العام الدراسي السابق ـ إن كنتم لا زلتم تتذكرونه ـ فالفترة طويلة بين العامين لدرجة أنه يمكن أن يتغير جيل بأكمله وليس الوزير فقط.

وإن لم تخني الذاكرة فقد كتبت خلال السنوات القليلة التي أمضيتها في الكتابة الصحفية مقالات عدة تتحدث عن تغير وزراء التعليم والبدء من جديد مع كل وزير، ولست عارفا ببواطن الأمور ولكني كغيري من الخلق نتحدث عما نراه.

والشيء الثابت الوحيد الذي لم يتغير رغم تغير الوزراء هو أنهم جميعا يحبون البدء من الصفر ويعتبرون عمل سابقيهم اجتهادات غير موفقة. وفي حالات كهذه فإن التساؤل عن تأخر التعليم أو مراوحته في مكانه يبدو تساؤلا غير منطقي، إذ ليس من المنطق أن تسأل المتسابق الذي «يجلس» عند خط البداية لماذا يسبقه الآخرون، السؤال الأكثر منطقية هو: لماذا لا تدخل السباق وبقيت جالسا في مكانك مع أن الآخرين قد انطلقوا؟!

في هذا العام قررت الوزارة ـ دون سابق استعداد ـ أن تبدأ في دمج مراحل التعليم الأولي، وهو أمر ليس سيئا، ومن خلال تجربة شخصية لأحد أبنائي في مدرسة خاصة فإن هذه الطريقة أفضل، والمعلمات ـ في الغالب الأعم ـ أكثر قدرة على فهم الصغار والتعامل معهم من المعلمين.

لكن المشكلة أن مثل هذه النقلة تحتاج إلى استعداد وتأهيل للمدارس والمدرسين، لكن التخطيط والاستعداد ليسا من الأمور التي تبدع فيها وزارة التعليم منذ أن وجدت. هي تنفذ ثم تفكر.

كان من الممكن إعلان أن العام القادم سيكون عام التنفيذ، وتسمى المدارس التي ستطبق فيها هذه الطريقة، والمدارس التي لن تفعل. لكن الوزارة الموقرة أحيانا تتعامل مع قراراتها كسبق صحفي، تريد أن تكون قراراتها عناوين صحفية، ولذلك كانت طوال تاريخها تبدو كمن يقفز من حضن تيار إلى حضن آخر متجاهلة «حضن» التعليم نفسه.

وأظن ـ غير آثم إن شاء الله ـ أن المسؤولين يعلمون أن المدارس ليست جميعها مثل تلك التي يزورونها في اليوم الأول من العام الدراسي ويلتقطون فيها الصور التذكارية، وجود المعامل والقاعات ووسائل التدريس الحديثة يبدو في بعض المدارس من أحاديث الخيال العلمي، لا زالوا يحلمون بالمكيفات التي تعمل بشكل صحيح وبدورات المياه التي تحترم آدمية الطلاب، مع أن الفترة التي سبقت بدء الدراسة كانت كافية للاستعداد للحرب العالمية الثالثة وغزو بلاد الفرنجة وليس فقط لشراء مكيفات وصيانة دورات مياه.

وعلى أي حال..

قد لا يلام الوزير ـ أي وزير ـ عندما يستعجل في تنفيذ أفكاره، فهو يصدر القرار وفي رأسه فكرة «لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا»، فينفذ خوفا من أن يحزم حقائبه راحلا عن الوزارة قبل أن يعرف الناس فكرته، ولذلك أعيد ما سبق أن قلته في مكان آخر، إن هذه الوزارة تحديدا تحتاج لوزير مطلوب منه تنفيذ استراتيجية وخطة واضحة المعالم، وليس اختراع استراتيجية جديدة، ويحاسب بناء على ما أنجزه في «التنفيذ». وهذا لن يجعل تغير الوزير يعني البدء من جديد في كل مرة.. والسلام.

agrni@