فيصل الشمري

إيران وروسيا.. تحالف من ورق

الاحد - 01 سبتمبر 2019

Sun - 01 Sep 2019

في ظل العقوبات الأمريكية الصارمة والوضع الراهن في الخليج العربي والتصعيد الكبير من قبل القيادة الإيرانية محاولة لجر المنطقة إلى صراع بين أمريكا وحلفائها ضد إيران وحلفائها، في هذا المقال أسلط الضوء على علاقة التحالف بين إيران وروسيا.

في حالة حدوث مواجهة عسكرية كبيرة بين الولايات المتحدة وإيران، فإن روسيا من أكثر الدول التي ستستفيد جيوسياسيا، مثل هذا الصراع سيعيد إيران إلى عزلة تامة اقتصاديا ويساعد روسيا على استعادة أسواق النفط المفقودة في آسيا الوسطى.

ستؤثر الحرب أيضا على سعر النفط الذي سيرتفع، وبما أن روسيا من أكبر منتجي النفط في العالم، فلا شك أن إراقة الدماء في الشرق الأوسط سيكون لها تأثير إيجابي على الاقتصاد الروسي الذي تضرر في ظل العقوبات الأمريكية والأوروبية وانخفاض أسعار النفط.

الحرب الروسية الفارسية سنة 1826 كانت آخر صراع مسلح بين الإمبراطورية الروسية والدولة القاجارية وانتهت بانتصار كبير لروسيا، وفي العصر الحديث أيضا، كانت روسيا وإيران في كثير من الأحيان على طرفي نقيض، على الرغم من ذلك وسائل الإعلام الغربية تميل إلى تصوير روسيا كحليف لإيران وشريك استراتيجي.

في التاريخ الحديث أثبتت روسيا أنها شريك غير موثوق به تماما، خاصة عندما يتعلق الأمر بإيران، فخلال الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988، زود الاتحاد السوفيتي صدام حسين بكميات كبيرة من الأسلحة التقليدية، وخلال التسعينات وفي العقود التالية خذلت روسيا إيران في كثير من المواقف كلما تطلبت مصلحة روسيا ذلك، وعام 2010 رفضت روسيا بيع S-300 لإيران، وانحنت لضغوط من الولايات المتحدة وإسرائيل، وفي وقت لاحق اعترف المسؤولون الروس بأن القرار كان خطأ مجاملة لإيران.

كما رفضت روسيا طلب إيران شراء نظام الصواريخ الأحدث S-400، وتحججت بأن السلاح سيزيد الوضع تعقيدا في المنطقة، لكن السبب الحقيقي هو تجنب روسيا أي مواجهة مع الدول الإقليمية والغربية، في الوقت نفسه لم تتردد روسيا في بيع السلاح لتركيا العضو في الناتو لزيادة الشرخ بين حكومة إردوغان وبقية أعضاء الناتو.

في حقيقة الأمر روسيا تلعب لعبة مزدوجة المعايير مع إيران والغرب. إنها تقدم دعما شفهيا في أغلب الوقت لإيران التي تواجه تهديدات وتحديات من القوى الغربية، لكن إذا حدث وتفاقم الصراع مع أمريكا وحلفائها إلى خوض حرب مفتوحة مع إيران، فلا يوجد ضمان بأن روسيا ستكون إلى جانب إيران، والتاريخ يثبت ذلك، فصدام حسين ومعمر القذافي كانا من حلفاء روسيا.

روسيا ستفعل ما تفعله دائما، وهو تحسين مكاسبها وموقعها السياسي دوليا، وستقدم نفسها على أنها صوت العقل في مجلس الأمن، وأنها وسيط سلام ولن تدعم إيران عسكريا وتواجه الغرب، لأن ذلك يعني عقوبات أكبر عليها.

من المرجح أن تقع إيران ضحية لرغبة الكرملين في تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، إذ كلما ضغطت أمريكا على روسيا قدمت روسيا في كثير من الأحيان تنازلات على حساب علاقتها الإيرانية التي دمرت مصداقية روسيا عند القادة الإيرانيين بالذات مصلحة تشخيص النظام. روسيا لها أهدافها الخاصة لهذا من المرجح أن تتخذ موقف الحياد لأنها تريد تخفيض العقوبات أو رفعها.

الوضع السياسي معقد في المنطقة، ولكل قوة إقليمية ودولية أهدافها الاستراتيجية، روسيا في سوريا ليست على تعاون وطيد مع الميليشيات الإيرانية في مناطق نفوذها مثل الساحل، ودفعت بالقوات المدعومة من إيران إلى خارجه. روسيا تسمح للطيران الإسرائيلي المتطور بضرب المصالح الإيرانية داخل سوريا وتتبادل مع إسرائيل المعلومات الاستخباراتية، أي إنها حليف لإسرائيل وعلى علاقة وثيقة بالمشاريع التي تخص الغاز والمال في قبرص، أي مصلحة روسيا تحتم عليها السماح لإسرائيل بضرب مصالح حليفها الآخر داخل سوريا.

روسيا تستخدم إيران كورقة ضغط على القوى الغربية، مثال على ذلك تصويت روسيا مع القرارات الستة ضد إيران في مجلس الأمن الدولي من 2006 إلى 2010. تصريح بوتين الخطير أيضا الموجه لإيران «روسيا ليست فريق إطفاء ولا يمكنها أن تنقذ كل شيء، لا يعتمد عليها وحدها. لقد قمنا بدورنا، ونحن مستعدون لمواصلة القيام بدور إيجابي. لكن ذلك لا يعتمد علينا وحدنا، بل على جميع شركائنا».

الكرملين يريد الاستفادة من التوتر بين الغرب ودول الخليج مع إيران، على المدى القصير تستطيع روسيا توسيع وجودها، داخل سوريا أيضا تستطيع الاستفادة من التوتر بين دول الخليج وإيران للاتفاق على زيادة ضخ النفط على حساب طهران، لكن إلى هذه اللحظة روسيا تتعامل مع الموقف وفق مصلحتها وتأخذ في الاعتبار العوامل المشتركة بين موسكو وطهران.

mr_alshammeri@