عبدالله محمد الشهراني

فني الصيانة الذي أصبح عميد كلية الهندسة

الخميس - 29 أغسطس 2019

Thu - 29 Aug 2019

(قصة واقعية... أنا الراوي وبطل القصة حي يرزق)، شاب يافع من أسرة بسيطة جدا بعيدة عن الطبقة المتوسطة، بدأ حياته العملية بعد الثانوية مباشرة باحثا عن لقمة العيش لأسرته الكبيرة، توظف في شركة متخصصة في إنتاج الطاقة على مرتبة فني صيانة.. طموح ونشط جدا في كل مراحل حياته.

في أحد الأيام حدث عطل في منزل أحد عملاء الشركة، فذهب الشاب اليافع برفقة مجموعة من زملائه إلى مكان العطل، وأثناء محاولة الإصلاح حدثت مشكلة نجم عنها حريق في المكان، تم إخماد الحريق واحتواء المشكلة (نذكر هاهنا بأن بطل قصتنا كان عضوا في فريق الإصلاح).

لكن العميل غضب مما حدث وتواصل مع مركز خدمة العملاء الذين بدورهم (زادوا الطين بلة)، فازداد غضب العميل وقدم شكوى رسمية إلى الشركة، حينها قرر (المدير الكبير) عقد اجتماع لمعرفة أصل المشكلة، حضر الجميع - فنيين ومهندسين - وتم شرح القضية من قبل المهندسين (وهل يستطيع الفني أو الممرض الحديث في حضرة المهندس أو الطبيب!). (مالكم في الطويلة ... المهم) الجميع في غرفة الاجتماع كان هدفهم ليس البحث عن أصل المشكلة ولا معرفة الجاني، بل معرفة الضحية المحتملة - الصالحة لإلقاء المسؤولية عليها -، وبتعبير آخر (الجدار الضعيف أو الجدار القصير أو بالمصري الحيطة الواطية). صدر قرار الاجتماع العظيم بنقل فني الصيانة تأديبيا، هنا وفي هذه اللحظة تحديدا نتذكر الآية الكريمة: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم).. فقد كان ما حدث هو الخير - والخير كله - لذلك الشاب الغاضب من تعرضه للظلم، إذ قرر من حينها أن يضع هدفا لحياته.. أن يحصل على حرف «الدال» بعد معاناة وشعور بالظلم والاضطهاد.

استقال الشاب من الشركة وتوجه إلى الجامعة، كلية الهندسة بالتحديد (وهنا كانت بداية معرفتي الشخصية به). تخرج الشاب الطموح (باش مهندس أد الدنيا)، وتعين مرة أخرى في نفس الشركة التي استقال منها، مهندسا هذه المرة وربما رئيسا لبعض زملائه الفنيين. لم يطل صاحبنا البقاء في الشركة، فالهدف لم يتحقق بعد، ولم يغره منصب وراتب المهندس في الشركة، فقرر الاستقالة للمرة الثانية، وكانت وجهته هذه المرة أستراليا مبتعثا لدراسة الدكتوراه.

الدكتور إسكندر محمد آدم هوساوي عميد كلية الهندسة (لم يزل شابا في العقد الرابع)، هو مثال حي وواقعي يشرح لنا معنى الطموح ومدى فاعليته في دماء الشباب، ويكشف لنا عن نتائج الجهد والعناء وأثرهما في تحقيق الهدف، وكيف يموت المستحيل أمام العزيمة والإصرار!

رسالة لكل ممجدي (أرجوزات السوشال ميديا)... هكذا تكون الرموز وهنا مكان التمجيد.

ALSHAHRANI_1400@