برجس حمود البرجس

> المملكة وتحويل النفط لكيماويات

الأربعاء - 28 أغسطس 2019

Wed - 28 Aug 2019

دخلت أرامكو السعودية في دراساتها ونقاشاتها مراحل متقدمة للدخول في الشراكات مع شركات مختصة لتحويل النفط مباشرة إلى كيماويات، هذا التوجه سليم لسببين جوهريين، الأول خلق سوق مستهلك جديد للنفط، والثاني رفع نسبة بيع صادرات أرامكو النفطية لمنافذ بيع ثابتة.

صادرات أرامكو النفطية تتبع ثلاث استراتيجيات رئيسية، الأولى توزيع مبيعاتها النفطية على قارات ودول مختلفة حسب معايير كثيرة من ضمنها الأسعار، والاستراتيجية الثانية التعاون الكبير وتخصيص حصص من صادراتها للشركات النفط العالمية حيث الاستدامة والاستمرارية (عملاء مميزون)، والاستراتيجية الثالثة هي تخصيص 30% تقريبا من الصادرات لمنافذ بيع ثابته (عميل دائم ومستمر)، حيث تدخل شركة أرامكو بالشراكات مع شركات عالمية في معامل بتلك الدول لتكرير النفط والبتروكيماويات ومراكز التوزيع، والمهم في ذلك أنه دائما يضمّن في العقود «شراء النفط الخام لتلك المعامل من المملكة»، وهذه عقود طويلة الأجل (لعشرات السنين)، ممتازة ومناسبة جدا.

ففي دخول أرامكو السعودية اتفاقيات لشراكات في معامل بالخارج لتحويل النفط الخام إلى منتجات بترولية وبتروكيماوية يكون أهم سبب هو «التسويق» حيث الزبون الدائم والمستمر، أي إن نحو 3 ملايين برميل من إنتاج أرامكو السعودية أو أكثر يذهب لعميل معروف وشريك دون أدنى تسويق. بذلك يكون هذا أحد السببين الجوهريين لدخول أرامكو بشراكات مع شركات خارجية بالخارج.

السبب الجوهري الثاني هو أن «النفط الخام العالمي» يستهدف عميلا كبيرا واحدا وهو وقود السيارات والشاحنات (النقل)، ومن ثم يأتي عملاء صغار وهم القطاع الصناعي وتوليد الكهرباء ومولدات الكهرباء الصغيرة.

العميل الكبير للنفط (السيارات) يتعرض إلى زيادة في العرض ونقص في الطلب، وأحيانا العكس زيادة في الطلب ونقص في العرض، ومرتبط بالتقلبات والموجات والمحفزات والتحديات الاقتصادية، كما أن مستقبل النفط موعود بزيادة لعدد السيارات ربما تصل عام 2040 إلى ضعف عددها الذي كانت عليه عام 2015، النفط أيضا يواجه تحديات منها البدائل كالسيارات الكهربائية والسيارات التي تعمل على الطاقة الشمسية والهايبرد، ومنها أيضا تحدي تحسين أداء محرك السيارات الذي يقلل من استهلاك وقود السيارة، حيث إن الطلب على زيادة السيارات سيأتي بالمقام الأكبر من الهند والصين، ولكن هذه السيارات ليست مستهلكا كبيرا للوقود، حيث إنها سيارات صغيرة وأشبه بالدراجات النارية ذات مكائن صغيرة تستخدم لتنقلات بسيطة.

بالمجمل، النفط لديه محفزات مستقبلية وتحديات أيضا، ولكن حسب الدراسات هذا ليس مصدر قلق كبير على الدول المصدرة للنفط حاليا، ولكن يتوجب مراقبته ومتابعته بشكل مستمر، وشركات النفط والدول المصدرة لن تقف مكتوفة الأيدي، فمن يعمل ويتحرك سيكون وضعه أفضل من المنافسين في المستقبل، لذلك كان من الحكمة أن تبحث الدول المصدرة للنفط عن عميل مواز للسيارات، وليس هناك حاليا غير الكيماويات وتوليد الكهرباء، ولكن سوق الكيماويات أجدى حاليا. ولهذا السبب الجوهري الثاني حرصت المملكة على خلق سوق مستهلك جديد للنفط (وهو الكيماويات)، ويكون موازيا للسوق الكبير (وهو السيارات)، أرى في ذلك قرارا حكيما ومناسبا وذكيا أيضا.

دخول المملكة

في هذه الشراكة ليس متاحا لكل الدول المصدرة للنفط، ولكن المملكة برؤيتها وببرامج تنويع مصادر الدخل وبرامج الاستثمارات وبقية البرامج التنموية رأت أن لديها مزايا الدخول في استثمارات مميزة تحقق بها أهدافا عدة - مثل الاستثمار مع شركات تنتج الكيماويات في الخارج، ومن الأهداف تسويق أميز للصادرات، ومنها خلق مستهلك جديد والعوائد المباشرة أيضا على تلك الاستثمارات.

سوق الكيماويات أو البتروكيماويات واعد ويتزايد كثيرا، ولن يكون بديلا لأسواق النقل والسيارات والشاحنات، لكنه خيار مناسب كعميل مواز وإن كان أصغر بكثير، فالهدف ليس التأثير على الأسعار، إنما استراتيجية توزيع المبيعات والمنتجات.

Barjasbh@