طلال الحربي

حج وتكريم

الاحد - 18 أغسطس 2019

Sun - 18 Aug 2019

القصة ترويها الصور، فمن رجل أمن يحمل رجلا عجوزا إلى آخر يحمل طفلا، حملوا الجميع كبارا وصغارا على رؤوسهم، نعم صورهم وهم يحملون الحجيج ويخدمونهم ويحمونهم ويراعونهم، صورهم التي شاء الله لها أن تكون أقوى من كل الكلمات في خدمة الحجيج وإدارة شؤونهم، مقاطع الفيديو التي صورها الحجيج أنفسهم لرجل أمن بطل يحمل ذا إعاقة مع كرسيه أو يرش حاجا بماء، كل هذه الصور والمقاطع انتشرت في العالم كله، فكانت الرد الذي أثلج صدور محبي الخير والمؤمنين أن الله اختار لضيوفه من يرعاهم بأمره عز وجل، من أتباع محمد ومن يصلون عليه وعلى صحابته أجمعين.

كل من ساهم في موسم الحج أبطال، من أمن وصحة ودفاع مدني ومتطوعين وإعلام وطني..إلخ. نعم لا نستثني منهم أحدا، ولأنه وطن رايته التوحيد وقائده خادم للحرمين الشريفين فإن المستوى المطلوب من العمل والإنجاز لا يمكن أن يقبل إلا أن يكون بمستوى الأبطال وإنجازات الأبطال، لكن رجال الأمن في هذا الموسم كان لهم دور كبير جدا في خدمة الحجيج ورعايتهم، دورهم بارز وقوي وهم يقومون بواجباتهم الموكلة إليهم في مسيرة الحج لهذا الموسم، ونعم كلهم زادوا فوق واجباتهم على رعاية الحجيج.

في إحدى الصور مثلا رجل أمن يحمل طفلا ويركض به إلى العناية الصحية، ونظرات رجل الأمن على الطفل كلها محبة وشفقة وخوف كخوف الأب على ابنه، أو مقطع فيديو لرجل أمن يتفوق على قدراته وعلى نفسه في خدمة الحجيج، هل هؤلاء الأبطال لا يستحقون إلا الشكر والثناء؟ لقد كانوا في قمة العطاء والسمو والتعامل، رقي أخلاق رجال الأمن وحسن تعاملهم كانا درسا لنا جميعا.

حين تكون الصورة سلاحا فإن استعمالها واجب علينا، لهذا أتمنى على إدارة وزارة الإعلام ووزارة الحج إعداد معارض تصويرية لتوثيق هذه المواقف، ليس تخليدا لأصحابها فهم في ذمة الله بما صنعوا، لكن لتخليد المواقف نفسها، وعمل أفلام وثائقية أيضا تتحدث عن هذه المجهودات الكبيرة التي بذلت، تروى فيها القصص والأحداث التي وقعت، هذه المواد الإعلامية تقدم للعالم كله على ثلاثة أوجه، أولها تطمين قلوب محبي الخير ومسلمي العالم بأنهم بإذن الله في أيد أمينة، وثانيا صفعة على وجه كل ضال مفتر كذاب متربص بالإسلام والمسلمين

شرا، وثالثا رسالة محبة وسلام إلى كل شعوب العالم بأن هذا ديننا الحنيف، وهذا طبعنا المستمد من شريعتنا، وأن من يحملون حاجا فوق رؤوسهم لم يلتقوا به من قبل ولن يلتقوا به من بعد لا يكونون إلا رجال محبة وسلام وخير.

وجاء تكريم رجل الأمن الذي رفض مبلغا من إحدى الحاجات تقديرا من وزير الداخلية لكل رجل أمن، ولكني أستسمحه عذرا بأن يكون التكريم مستقبلا للجميع، فأنا متأكد من أن هناك العشرات من القصص المماثلة لم توثق، وحتى يكون عملنا خالصا لوجه الله تعالى آملا أن نعتمد على تقارير الضباط في الميدان لتكريم من يستحق التكريم، وكلي ثقة بأن الجميع يستحقون ذلك، وألا تكون وسائل التواصل الاجتماعي هي المقياس، فالكل بذل وسعى وخدم، ولكن هناك من وثقته كاميرا وهناك من اكتفى بتوثيق الملائكة على كتفيه، وكلهم سواسية في العمل، فليكونوا سواء في التكريم، ولنكن بعيدين عن تكريم من صورته كاميرا ويكفيه أن عمله وثق، أما التكريم فللجميع بلا استثناء ولمن أشاد به مسؤولوه في أرض الميدان، وكلنا في خدمة الأوطان ليكون الحجيج بأمان.

alharbit1@