شاكر أبوطالب

الأغنية الوطنية في الإعلام الجديد

الاحد - 18 أغسطس 2019

Sun - 18 Aug 2019

الأغنية الوطنية في الأصل هي تعبير فني عن المشروع الوطني، وأداة ثقافية توظف الموروث الشعبي لتجسيد تاريخ الوطن، وتستند إلى مكونات الهوية الوطنية، لاستدعاء حكايا البدايات وسير الشخصيات الراسخة في الذاكرة الفردية والمجتمعية.

ويمثل ازدهار الأغنية الوطنية تجسيدا لحالة الاتفاق الاجتماعي حول المشروع الوطني ورؤية القيادة ومواقفها من الأحداث والظروف المحيطة. فللأغنية الوطنية دور مهم في توثيق الحياة السياسية في مراحل مختلفة من التاريخ الوطني.

في المملكة العربية السعودية، تعود بدايات الأغنية الوطنية إلى مطلع الستينات الميلادية على الأرجح، ثم تطورت الأغنية الوطنية مستفيدة من التقدم التقني والفني بشكل عام، سواء على مستوى إنتاج الأغنية، أو على مستوى صناعة الإعلام، وتحديدا الإذاعة والتلفزيون.

ومرت الأغنية الوطنية بمحطات تحول فنية مهمة، أبرزها: حرب «عاصفة الخليج»، وحرب «عاصفة الحزم»، ويمثل مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة أبرز المنعطفات التاريخية التي ساهمت في إحداث نقلة نوعية للأغنية الوطنية، والارتقاء بها من الأداء الفردي والغناء التسجيلي إلى الأداء الجماعي والغناء المسرحي، من خلال «أوبريت» حفل الافتتاح السنوي الذي يرتكز على مفهوم صناعة الملحمة الوطنية، المترجمة في لوحات فنية تعكس التنوع الغنائي والفلكلوري لمناطق المملكة.

ومع ظهور الإعلام الجديد الذي يتسم بالتفاعلية والمشاركة والمرونة والانتشار وتجاوز الحدود الثقافية والجغرافية، وسرعة وسهولة حفظ المحتوى وتخزينه واسترجاعه واستخدامه ومشاركته؛ لم تحقق الأغنية الوطنية الاستفادة الأمثل من الإمكانات التي توفرها المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث استمر إنتاج الأغنية الوطنية بذات الشروط الفنية للإذاعة والتلفزيون، بمعزل عن تلبية المتطلبات الخاصة لكل منصة رقمية أو وسيلة تواصل اجتماعي، من حيث التباين في طبيعة المحتوى، وأسلوب إنتاجه، وتوقيت عرضه، وطوله الزمني، وظروف التعرض له.

ولأن الشباب هم الفئة الأكثر صناعة وإنتاجا وتعرضا للإعلام الجديد والتفاعل مع محتواه، فينبغي لصناع الأغنية الوطنية الاستجابة لمتطلبات التقنيات الحديثة، والوفاء بشروط وسائل التواصل الاجتماعي، ومواكبة الظروف الجديدة التي نتجت عن انتشار استخدامها.

يضاف إلى ذلك ضرورة النظر للأغنية الوطنية على أنها أكثر من مجرد تعبير فني له وقعه الخاص في الوجدان، إذ تمثل مشتركا غنائيا يثير الحماسة على إحساس وطني يتجدد، ويؤدي دورا مهما في تعزيز الهوية الوطنية، وترسيخ مشاعر الاحترام والحب والولاء والانتماء للوطن، فلا ينبغي قصر استخدامها على المناسبات الوطنية فقط، شأنها في ذلك شأن بقية أنواع الأغاني.

shakerabutaleb@