عبدالحليم البراك

أسوأ بيت شعري بالعالم

الاثنين - 12 أغسطس 2019

Mon - 12 Aug 2019

هل يمكن أن يتجرأ كاتب هذه المقالة على أن يصف الشاعر الكبير أبا الطيب المتنبي بأنه كتب أسوأ بيت شعري (عيد بأي حال عدت يا عيد!)، بالطبع لا، لكن ما أفسد البيت هو كثرة ترديده في مكانه المناسب، وفي غير مكانه، وقد قيل: «قال: ما أكثر كلام الناس؟! قال: من ترديده» حتى صرنا نسمعه ونقرؤه في الأعياد أكثر من أي شيء آخر، بمناسبة وبغير مناسبة، حتى إذا كتب أحدهم: عيد بأي حال عدت يا عيد، قلت في قلبي يا ليل ما أطولك.

وهذا الملل من ترديد الأشياء بشكل عشوائي وممل يشبه رسائل المعايدة المكرورة، تنسخ وتلصق وليس لصاحبها منها إلا الاختيار، وليته اختيار جيد، بل اختيار تقليدي في أجمل حالاته، وسيئ في معظمه، وبعضهم ينسى فيضع اسم المرسل الأخير له، فتكون أخته أو عمته، أو

يكون شخصا آخر كلنا نعرفه. بل إن بعضهم يرسل لك المعايدة مرات عدة، وهذا دليل على أنه يرسل بالجملة ولا يعرف إلى من أرسل وإلى من لم يرسل، وهذه ثانية الأثافي، وثالثتها قادمة في الطريق!

ولا شيء أسوأ منها إلا معايدات الجملة، تلك التي يضع فيها مجموعة من الناس يتجاوز عددهم ثلاثمئة شخص ويرسل لهم تهنئة واحدة، وكأنها دعوة لمناسبة زواج في الهواء الطلق، وهذا يعني أني والـ 300 الآخرون مثل بعضنا البعض لا يميزنا شيء، أما مديره في العمل فإنه يخصه برسالة خاصة لا (بوق) فيها، ويذكر فيها اسمه ولقبه (معالي أو سعادة)، إضافة إلى اسم أكبر أبنائه، فسبحان من فرق بين الناس!

ومعايدات الناس الشخصية في العيد مكرورة هي أيضا، وقد يتطلبها الموقف وعنصر السرعة، لكن ما أجمل المعايدات التي تخص بها الشخص، وتثني عليه مثل: كل عيد وأنت أجمل أبا فلان، ما أجمل العيد بك، افتقدناك العيد الماضي، أنت متألق بهذا العيد، ولا نستغني عن العيد بدونك، ولا حرمنا الله من وجودك بيننا في كل عيد، وإلى ما هنالك من العبارات الجديدة اللطيفة.

أخيرا سيبقى بيت أبي الطيب المتنبي أجمل مما أفسده الناس في العيد، ولا تفسدوا العيد بالنسخ والنقل غير المسؤول، ولا تفسدوه بالتكرار والإهمال، ولا تفسدوه بالكثرة الرخيصة، وخصوا أحبابكم مع مدرائكم بالكلام اللطيف حتى يشعروا بالفرق بالكلام، وعيد بأي حال عدت يا عيد!