عبدالله العولقي

ارفع رأسك.. أنت سعودي

الاثنين - 12 أغسطس 2019

Mon - 12 Aug 2019

في كل عام يفاجأ الحجاج والمتابعون لشؤون الحج بلمسات إبداعية وأفكار احترافية جديدة تضاف إلى منهجية تطوير إدارة الحج، واستقبال ضيوف الرحمن في المشاعر المقدسة، هذه الإبداعية والاحترافية تتشكل كنتيجة طبيعية لتراكم الخبرة السعودية الطويلة في تعاملها مع الشرف الإلهي باستضافة الحجيج والمعتمرين من كل بقاع الدنيا، فثقافة السعوديين لم تعد تقتصر على استقبال الحجاج وتفويجهم وإنهاء مناسكهم وتوديعهم فحسب، بل تطورت إلى آفاق إبداعية رحبة تصل إلى إعانة ذوي الاحتياجات الخاصة ومرضى القلب وذوي الأمراض المزمنة في أداء نسكهم بكل سهولة وطمأنينة، إضافة إلى خدمات الرعاية الصحية المتكاملة التي أدهشت كل المراقبين والمتابعين في شتى أنحاء العالم.

وعلى الرغم من قداسة الشهر الحرام وشرف شعيرة الحج، إلا أن عصابة الحوثي الانقلابية في صنعاء، لا تزال ترسل الصواريخ الإيرانية إلى المدن السعودية، وقد رأينا كيف أبدت قوات الدفاع الجوي السعودي نجاحا باهرا ومنقطع النظير في التصدي لكل هذه الصواريخ الإرهابية ببراعة حربية احترافية، دون إلحاق أي أذى أو ضرر بمكتسبات الوطن المادية أو المعنوية، وهذا يدل على فخامة وإمكانات السعودية العظمى التي تستقبل أكثر من مليوني حاج في بقعة جغرافية معينة بكل مهنية، وفي الوقت نفسه تقود حربا ضروسا في حدها الجنوبي، وتردع عصابة الحوثي من إقامة المشروع الإيراني على الأرض اليمنية.

ولأننا في سياق المملكة العظيمة، لا بد من الإشارة إلى أحداث الفتنة التي تفاقمت بين الأشقاء اليمنيين في العاصمة الموقتة عدن، والتي استطاعت المملكة بحنكتها السياسية ودبلوماسيتها الحكيمة أن تحتوي الأزمة بين الأطراف المتنازعة، كما تمكنت الرياض من وقف إطلاق النار وترويع المدنيين في الأحياء العدنية، بل ونجحت في إقناع الأطراف المتنازعة بعقد اجتماع طارئ في مدينة جدة لحل الأزمة اليمنية، وهنا لا بد من الإشارة إلى سرعة قبول اليمنيين واستجابتهم الفورية إلى دعوة المملكة نحو عقد القمة الطارئة في جدة، نظرا لما تكنه الأطياف السياسية اليمنية من احترام رفيع تجاه المملكة وقيادتها وشعبها، وهذا تعبير واستجابة للعمق الروحي والتاريخي بين الشعبين الأصيلين.

وخاتمة القول إن نجاحات المملكة العسكرية على الحد الجنوبي وقدرتها الدبلوماسية الفذة في تحجيم وإنهاء المشروع الإيراني في العاصمة اليمنية صنعاء لهو دور عروبي عظيم، لا تتصدى لخطوبه سوى الدول العظمى، كما أن إدارة الأزمة السياسية اليمنية بهذه الاحترافية الدبلوماسية المتزامنة مع مناسك الحج المقدسة لها دلالة أيضا على دور المملكة الكبير في محيطها العربي والإسلامي، إضافة إلى أن العبقرية المثلى والاحترافية المهنية في إنجاح مناسك الحج لكل عام لا بد أن تقابلها إشادة إعلامية على مستوى العالم، ولا بد من القول الصريح بأن هذه الإمكانات الكبرى في إدارة مناسك الحج لا تتوفر لأي دولة في العالم إلا في المملكة العربية السعودية، كما صرح الأمير خالد الفيصل، عندما اختصر الحديث بقوله: ارفع رأسك، أنت سعودي.