المنكرون ذواتهم والمنكرات!
الثلاثاء - 06 أغسطس 2019
Tue - 06 Aug 2019
إنكار الذات، مصطلح متداول يعبر عن تفاني الإنسان في خدمة الآخرين دون التفات إلى رغباته الشخصية وملذاته، فيتعب ويشقى ليرتاح الآخرون، وهذا هو (الإيثار) في أسطع معانيه، ولأنه صفة إنسانية رفيعة؛ فقد اختاره الله صفة للمؤمنين «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة»، وقد دأب قصر الإيثار على وجوه البذل والإنفاق (المال/ والطعام)، بينما معانيه أوسع وأشمل، ومنها ما تتحدث عنه هذه المقالة.
في هذه الأيام المباركات نشاهد صورا لا حصر لها من صور الإيثار و(إنكار الذات)، يندر أن نشاهدها في أماكن أخرى بذات الكثرة التي نراها في مكة المكرمة، فقد تشكلت هذه الثقافة الناصعة المشرقة بفضل استشعار السعوديين لشرف خدمة حجاج وعمار بيت الله، وزوار مسجد الرسول الكريم، ولم يكن يشعر بهذه الثقافة إلا الحجاج والزوار، فيكتبون عن بعضها في مذكراتهم، أو يتحدثون عنها في بيئاتهم الاجتماعية، لكن تطور التقنيات الحديثة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وقوة حضور الصورة المؤثرة، وسرعة انتشارها؛ جعلت العالم كله يرى تلك الصور الناصعة لأبناء هذه البلاد المباركة، شعبا وحكومة.
حين تشاهد صورة فوتوجرافية لرجل أمن يحمل مسنة أو مسنا أو طفلا على كتفيه، أو يساعد حاجا في أمر ما، أو يرش الماء البارد على رؤوس الحجيج، فأنت ترى لحظة واحدة فقط من لحظات هذا الرجل، وتشاهد حالة واحدة فقط، فما بالك بآلاف الرجال وآلاف اللحظات، ففي الحج عشرات آلاف الرجال من القطاعات الأمنية المختلفة، وآلاف الرجال والسيدات من القطاعات الصحية، ومئات العاملين في رئاسة الحرمين، وآلاف العاملين في قطاعات النقل (البري/ والبحري/
والجوي)، وآلاف شباب الكشافة والجوالة، وآلاف العاملين من رجال وسيدات القطاع الخاص، وآلاف المتطوعين والمتطوعات من المواطنين والمقيمين الذين يبتغون الأجر والمثوبة من الله، ولا ينتظرون جزاء ولا شكورا.
حين تشاهد تلك اللحظات المؤثرة عميقا في الوجدان، فأنت لا تشاهدها بكاميرات المخرجين والمنتجين المدروسة والممنهجة والممنتجة، بل تشاهدها بكاميرات الحجاج أنفسهم، لحظات عفوية بكامل تفاصيلها، وهنا مكمن التأثير الحقيقي، وهنا أيضا مكمن معاني (الإيثار) و (إنكار الذات) فعمل رجل الأمن ـ على سبيل المثال ـ مقتصر على صيانة الأمن والنظام وحماية الحجاج وتيسير حركتهم، ولا يدخل في مهامه جل ما ينشر الحجاج من صور مؤثرة، لكن استشعاره للموقف والمكان واللحظة، وإحساسه بدوره الإنساني الحقيقي، وشعوره العميق بأنه يزاول شرف خدمة (ضيوف الرحمن) تجعله ينكر ذاته، وينسى تعبه ومواقيت راحته، فيتصرف بكرم تلقائي مع كل موقف يصادفه أثناء نوبته الطويلة، وهذه المواقف تتشكل بتلقائية بحتة.
وفي السياق نفسه سمعت قائد أحد القطاعات الأمنية المشاركة في الحج، يوصي أفراده بوصايا ناصعة بيضاء، تجاه فنون التعامل مع حجاج بيت الله الحرام، وهو يعلم أنهم لا يحتاجون إلى الوصايا في هذا الشأن بما انغرس في نفوسهم وفي نفسه كذلك، لكنه أيضا مكلف بإيصال وصايا خادم الحرمين الشريفين، ولا بد أن يذكرهم بها، ومن بينها وصيته أن يتحملوا الإساءات الشخصية من بعض الحجاج، ويتجاوزوا عنها تقديرا للحاج وللمكان والزمان، ولدور المملكة في خدمة ضيوف الرحمن، ولعمري إن هذا من مراتب الكرم العليا.
نفخر عميقا بأن هؤلاء الرجال والسيدات بكل فئاتهم، ومن مختلف مناطق المملكة، يمثلوننا جميعا خير تمثيل، ويعكسون الصورة الحقيقية لبلادنا وثقافتنا وديننا، فينكرون ذواتهم في خدمة ضيوف الرحمن، ليقضوا نسكهم في راحة واطمئنان وأمان، ويعودوا إلى ديارهم وذويهم سالمين مطمئنين.
هذه المقالة مجرد ومضة، من وهج يحتاج استجلاؤه والوقوف على منابع شعاعه إلى دراسات وقنوات إعلامية محترفة، فهؤلاء الرجال والسيدات جميعا يكتبون رسالتنا النقية إلى العالمين، فباسمي واسم كل مواطن سعودي نرفع شكرنا الصادق العميق لمقام خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة وإمارة منطقة مكة المكرمة ووزارة الحج ورئاسة الحرمين الشريفين ولمنكري ذواتهم والمنكرات، أولئك السيدات والسادة، ونسأل الله العلي القدير أن يسبغ رحماته وأمنه على بلادنا وحجاج بيته العتيق، وأن يكلل مساعي المخلصين بنجاح حج هذا العام، وكل عام.
ahmad_ helali@
في هذه الأيام المباركات نشاهد صورا لا حصر لها من صور الإيثار و(إنكار الذات)، يندر أن نشاهدها في أماكن أخرى بذات الكثرة التي نراها في مكة المكرمة، فقد تشكلت هذه الثقافة الناصعة المشرقة بفضل استشعار السعوديين لشرف خدمة حجاج وعمار بيت الله، وزوار مسجد الرسول الكريم، ولم يكن يشعر بهذه الثقافة إلا الحجاج والزوار، فيكتبون عن بعضها في مذكراتهم، أو يتحدثون عنها في بيئاتهم الاجتماعية، لكن تطور التقنيات الحديثة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وقوة حضور الصورة المؤثرة، وسرعة انتشارها؛ جعلت العالم كله يرى تلك الصور الناصعة لأبناء هذه البلاد المباركة، شعبا وحكومة.
حين تشاهد صورة فوتوجرافية لرجل أمن يحمل مسنة أو مسنا أو طفلا على كتفيه، أو يساعد حاجا في أمر ما، أو يرش الماء البارد على رؤوس الحجيج، فأنت ترى لحظة واحدة فقط من لحظات هذا الرجل، وتشاهد حالة واحدة فقط، فما بالك بآلاف الرجال وآلاف اللحظات، ففي الحج عشرات آلاف الرجال من القطاعات الأمنية المختلفة، وآلاف الرجال والسيدات من القطاعات الصحية، ومئات العاملين في رئاسة الحرمين، وآلاف العاملين في قطاعات النقل (البري/ والبحري/
والجوي)، وآلاف شباب الكشافة والجوالة، وآلاف العاملين من رجال وسيدات القطاع الخاص، وآلاف المتطوعين والمتطوعات من المواطنين والمقيمين الذين يبتغون الأجر والمثوبة من الله، ولا ينتظرون جزاء ولا شكورا.
حين تشاهد تلك اللحظات المؤثرة عميقا في الوجدان، فأنت لا تشاهدها بكاميرات المخرجين والمنتجين المدروسة والممنهجة والممنتجة، بل تشاهدها بكاميرات الحجاج أنفسهم، لحظات عفوية بكامل تفاصيلها، وهنا مكمن التأثير الحقيقي، وهنا أيضا مكمن معاني (الإيثار) و (إنكار الذات) فعمل رجل الأمن ـ على سبيل المثال ـ مقتصر على صيانة الأمن والنظام وحماية الحجاج وتيسير حركتهم، ولا يدخل في مهامه جل ما ينشر الحجاج من صور مؤثرة، لكن استشعاره للموقف والمكان واللحظة، وإحساسه بدوره الإنساني الحقيقي، وشعوره العميق بأنه يزاول شرف خدمة (ضيوف الرحمن) تجعله ينكر ذاته، وينسى تعبه ومواقيت راحته، فيتصرف بكرم تلقائي مع كل موقف يصادفه أثناء نوبته الطويلة، وهذه المواقف تتشكل بتلقائية بحتة.
وفي السياق نفسه سمعت قائد أحد القطاعات الأمنية المشاركة في الحج، يوصي أفراده بوصايا ناصعة بيضاء، تجاه فنون التعامل مع حجاج بيت الله الحرام، وهو يعلم أنهم لا يحتاجون إلى الوصايا في هذا الشأن بما انغرس في نفوسهم وفي نفسه كذلك، لكنه أيضا مكلف بإيصال وصايا خادم الحرمين الشريفين، ولا بد أن يذكرهم بها، ومن بينها وصيته أن يتحملوا الإساءات الشخصية من بعض الحجاج، ويتجاوزوا عنها تقديرا للحاج وللمكان والزمان، ولدور المملكة في خدمة ضيوف الرحمن، ولعمري إن هذا من مراتب الكرم العليا.
نفخر عميقا بأن هؤلاء الرجال والسيدات بكل فئاتهم، ومن مختلف مناطق المملكة، يمثلوننا جميعا خير تمثيل، ويعكسون الصورة الحقيقية لبلادنا وثقافتنا وديننا، فينكرون ذواتهم في خدمة ضيوف الرحمن، ليقضوا نسكهم في راحة واطمئنان وأمان، ويعودوا إلى ديارهم وذويهم سالمين مطمئنين.
هذه المقالة مجرد ومضة، من وهج يحتاج استجلاؤه والوقوف على منابع شعاعه إلى دراسات وقنوات إعلامية محترفة، فهؤلاء الرجال والسيدات جميعا يكتبون رسالتنا النقية إلى العالمين، فباسمي واسم كل مواطن سعودي نرفع شكرنا الصادق العميق لمقام خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة وإمارة منطقة مكة المكرمة ووزارة الحج ورئاسة الحرمين الشريفين ولمنكري ذواتهم والمنكرات، أولئك السيدات والسادة، ونسأل الله العلي القدير أن يسبغ رحماته وأمنه على بلادنا وحجاج بيته العتيق، وأن يكلل مساعي المخلصين بنجاح حج هذا العام، وكل عام.
ahmad_ helali@