شاكر أبوطالب

التعليم ورؤية ولي العهد!

الاحد - 04 أغسطس 2019

Sun - 04 Aug 2019

حتى نكون في مصاف الدول المتقدمة خلال السنوات الثلاثين القادمة؛ كما جاء في إجابات الأمير محمد بن سلمان في مبادرة مستقبل الاستثمار خلال العام الماضي، لا بد من خوض حرب قوية ضد الأفكار التي ترسخت بعد عام 1979، واستمرت لأكثر من ثلاثة عقود، وأخرجت الوطن عن مساره الطبيعي، وعطلت إمكانات الفرد والمجتمع، وتسببت في هدر موارد الوطن. هذه الحرب يخوضها ولي العهد بنفسه، ومن أهم جبهاتها «التعليم» بشقيه العام والعالي، خاصة أن مراحل التعليم يؤثر بعضها في بعض، فنموذج التعليم في الجامعة يؤثر على التعليم العام، والعكس صحيح.

خلال السنوات الخمس الماضية، تعاقب على التعليم في السعودية أربعة وزراء! وهو رقم كبير مقارنة بقصر المدة الزمنية وبعدد وزراء التعليم منذ إنشاء وزارة التعليم في المملكة. وسمعنا وشاهدنا وقرأنا كثيرا من التنظير، ولمسنا القليل من التغيير، الأمر الذي دفع بوزير التعليم السابق إلى كتابة مقالة صحفية ونشرها لتوثيق المبادرات والبرامج التي اعتمدها خلال السنوات الثلاث التي قضاها على قمة الهرم التعليمي!

وحتى اليوم، ورغم سرعة استبدال الوزراء، لا يزال التعليم بطيئا في عملية المراجعة والتقويم والتطوير، ولا يزال يبحث عن المسار المؤدي إلى رؤية 2030. والحالة هذه، لا يمكن للسعودية أن تخوض حربها الخاصة للتنمية الشاملة دون وجود تعليم قوي وعصري، يدعم التنمية الوطنية، وينظر إليه على أنه ركيزة أساسية في الرؤية الطموحة للوطن، ومحرك مهم من محركات النماء الاقتصادي، وأنه استثمار إجباري طويل الأجل لا يمكن التفريط فيه.

ينبغي لوزارة التعليم أن تطرح سؤالين مهمين على المستوى الوطني، هما: ماذا يريد المجتمع من التعليم؟ وماذا تريد الحكومة من التعليم؟ في محاولة للوصول إلى رؤية مشتركة وواضحة يمكن البناء عليها والتخطيط لصياغة مستقبل التعليم في المملكة. وينبغي أن تكون البداية من خلال مراجعة فلسفة التعليم وسياسته ومبادئه ونظامه وأهدافه وخططه وإعادة صياغتها لاستيعاب المتغيرات العديدة التي حدثت في المجتمع وبيئة التعليم، والتعامل مع التحديات الجديدة التي تواجه دول العالم ومجتمعاتها، وربط سياسة التعليم بالخطط الاستراتيجية والتخطيط طويل المدى، وأهمها رؤية المملكة 2030، وبرامجها الوطنية الاستراتيجية.

منذ نهاية السبعينات الميلادية خسر التعليم بعض الأدوات المهمة في تطوير البيئة التعليمية، نتيجة المواقف الرافضة للتغيير من قبل مسؤولي التعليم، وممانعتهم تعليم الفلسفة والمنطق والموسيقا، وتأجيلهم إدخال أحدث التقنيات والوسائل التعليمية.

واليوم حان الوقت لاستعادة تلك الأدوات المهمة والضرورية لتطوير النظم التعليمية، فينبغي إدخال الفلسفة والموسيقا في مراحل التعليم، جنبا إلى جنب مع الابتكار والتقنية، لأهميتها وضرورتها في بناء الفرد بصورة متوازنة على الصعيدين النفسي والعقلي. فالذهاب إلى المدرسة أو الجامعة ينبغي ألا يكون للتلقين وحفظ المعلومات، أو مجرد الوعي بالماضي والتراث واستيعاب العادات والتقاليد الاجتماعية، بل يجب أن يكون جوهر التعليم ومحوره تغذية الروح والنفس وتنميتهما بالفنون، وفي مقدمتها الموسيقا وعلم الأصوات. وتحدي العقل بتعليم الفلسفة والمنطق، ليصبح نشطا ومتأملا وناقدا ومفكرا.

shakerabutaleb@