محمد حطحوط

لماذا يلغي الوزير الجديد قرارات من قبله؟

السبت - 03 أغسطس 2019

Sat - 03 Aug 2019

في السعودية هناك ظاهرة إدارية تستنزف موارد الدولة بشكل كبير: مسؤول في هيئة (ما) يصرف 350 ألفا على أثاث مكتبه الجديد. المشكلة ليست هنا، المشكلة أن هذا المسؤول ذهب من منصبه وأتى مسؤول جديد بعده بأشهر، وصرف مبلغا مشابها لتأثيث المكتب نفسه من جديد!!

لماذا يحدث هذا هنا ولا يحدث في ألمانيا مثلا؟ غياب سياسات تؤطر عمل كل مسؤول وخطوط كبرى يعرف فيها ما له وما عليه. لو كان هناك سياسة في جميع الجهات الحكومية بمنع تغيير أثاث المكتب قبل ثلاث سنوات من استخدامه، على غرار دول كثيرة، لوفرت هذه السياسة كثيرا من الجهد والمال.

إليك حكاية أخرى:

وزير تعليم سابق بدأ برنامج التعليم عن بعد، واستفاد منه آلاف الشباب والشابات الذين فاتهم قطار الجامعات، خاصة العسكريين، والذين خرجوا بشهادات جامعية، وبعضهم أكمل دراسات عليا بعدها. أتى وزير تعليم بعده - سابق أيضا - ثم ألغى البرنامج بحجة أن مخرجاته ليست بالشكل الذي يريد، مع أن توجه العالم اليوم، بما فيه كل جامعات النخبة حول العالم، حيث لديها برامج قوية ومعتمدة في التعليم عن بعد، بينما ذهب آخرون إلى أن هذا هو مستقبل التعليم! لماذا يحدث هذا القرار الفردي من وزير قد يغيبه أثر قراره على حياة الآلاف؟ غياب سياسات تمنهج عمل المسؤول حتى لا تعود وزارته لمربع الصراع الأول!

قصة ثالثة:

مدير جامعة سعودية أنشأ عددا من العمادات المساندة، وكان لها دور حيوي في الحراك داخل أروقة الجامعة، جرى تعيين مدير جديد، فألغى تقريبا جميع قرارات المدير السابق! ولك أن تتخيل حياة العشرات من الموظفين في تلك العمادات، والهدر المالي والإداري الكبير لمثل هذه القرارات.

مرة ثالثة: غياب سياسات ليس فقط في التعليم، وإنما في باقي الجهات الحكومية، والتي تؤطر عمل المسؤول وتقلل من الهدر الكبير.

وحتى يكون المقال عمليا، ويقدم حلولا واقعية، سأضع هنا رابطين حديثين يخصان بند سياسات التعليم فقط.

- هذا الرابط في موقع وزارة التعليم الأمريكية، فيه جميع السياسات والقوانين التي يجب على كل مسؤول أن يراعيها. ليس هذا فحسب، بل هناك إدارة معنية بالتأكد من تطبيق كل قانون وسياسة في جميع الولايات.

في الجامعة الأمريكية التي أدرس بها، هناك زميلة موظفة عملها فقط محصور في التأكد من أن الجامعة تطبق قانون المادة التاسعة الخاص بالمساواة بين الرجال والنساء في الفرص الرياضية داخل أسوار الجامعة. وقس على هذا قوانين أخرى وسياسات. وجود السياسة لا يكفي، لا بد من استحداث إدارات لتنفيذ تلك السياسات.

https://www2.ed.gov/policy/landing.jhtml?src=ft

- الرابط الثاني هو استجواب الكونجرس قبل أسابيع لوزيرة التعليم الأمريكية دي فوس، حول مدى التزام الوزيرة بجميع السياسات والقوانين المتعلقة بالتعليم داخل الوزارة وخارجها. لقاء ساخن مباشر استمر لأكثر من خمس ساعات.

https://www.youtube.com/watch?v=GOSrVmbmQ6c

mhathut@