طارق جابر

كيف تختار طبيبك؟ ..الطبيب الطائر والمريض المسافر!

الخميس - 01 أغسطس 2019

Thu - 01 Aug 2019

لا تنتهي علاقة المريض بالجراح باستيقاظ المريض من التخدير، ولا تنتفي الحاجة إلى العلاج والمتابعة بخروج المريض من المستشفى. والمضاعفات والانتكاسات قد تحدث بعد أيام أو أسابيع من أي إجراء طبي.

شاع في السنوات القليلة الماضية أن يسافر المرضى إلى الخارج للعلاج بعد أن أوشكنا على اعتبار ذلك من ذكريات عصر ما قبل الطفرة الاقتصادية. وفي الوقت نفسه بدأنا نسمع عن بعض الأطباء الذين يجوبون البلاد شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، لإجراء عمليات جراحية يتم تحضيرها من قبل بعض المستشفيات أو عن طريق بعض (الوسطاء) بدون وجود علاقة طبية حقيقية مع المريض لا قبل ولا بعد العملية.

من الخصائص المميزة للطبيب الجيد التواجد وسهولة التواصل، ومن النصائح التي تعطى للمرضى لمساعدتهم على اختيار الطبيب أن تستطيع الوصول إليه عند الحاجة، وهذا كله غير متاح في الحالتين السابقتين.

مصطلح الطبيب الطائر مصطلح معروف في الدراسات والأدبيات الطبية، ولا نعني به هنا الأطباء الذين يذهبون إلى الأماكن النائية أو المنكوبة لمساعدة الناس ورفع المعاناة، ولكن الذين يتنقلون لتقديم خدمات بأجر لا تتوافق مع الأصول الطبية المتعارف عليها، كالتقييم الصحيح، وإقامة رابطة صحيحة مع المريض، والتواجد للإشراف عليه بعد العلاج.

قد يحتج البعض بوجود برامج لأطباء زائرين في بعض المستشفيات الكبيرة أو الحكومية، والإجابة أن هناك إجراءات معينة وصارمة ومرخصة من الجهات المختصة للسماح بهذه الممارسة في حدود الحاجة.

النوع الآخر من العلاج عن بعد يتمثل في سفر المريض للعلاج في الخارج، وغالبا لإجراء عملية جراحية، وإن كان هذا قرارا شخصيا قد يكون له ما يبرره، إلا أنه يبقى صورة شبيهة بقصة الطبيب الطائر، وله بعض المحاذير التي يجب إيضاحها.

في السابق كان الناس يسافرون للعلاج في الخارج لعدم توفر أنواع معينة من العلاج أو الجراحات في بلدانهم، أما الآن فيكاد يكون السبب في الغالبية العظمى من الحالات هو البحث عن الأرخص وليس الأفضل.

من إشكالات هذا القرار:

أولا: عدم معرفة المريض بالطبيب الجيد من السيئ إطلاقا، ولا يمكن التعميم أن الطب في البلد المعين جيد، وبالتالي كل أطبائه جيدون فقط لأن شخصا نعرفه أجرى عملية سعيدة في هذا البلد!

ثانيا: تنقطع علاقة المريض بالطبيب فور مغادرته البلاد، وأحيانا فور مغادرته المستشفى، وعند عودة المريض إلى الوطن تبدأ رحلة البحث عمن يتابعه، ويزداد الأمر سوءا في حالة حدوث مضاعفات (وهي كثيرة مع الأسف)، حيث ما من طبيب يرغب في تحمل مشاكل طبيب آخر، فينتهي المريض إما بتكبد مبالغ طائلة أو متلقيا للعلاج على يد طبيب ليس بالضرورة أن يكون متمكنا من هذا النوع أو ذاك من الجراحات.

ثالثا: لا يملك المريض أي آلية للشكوى أو المقاضاة أو الاعتراض في حالة وجود (داع حقيقي) يبرر ذلك.

رابعا: في الوقت الحالي هناك تجارة منظمة وسماسرة ووسطاء يعملون على تصدير المرضى إلى الخارج، وغالبية المرضى يتم توجيههم من قبل هؤلاء بغض النظر عن كفاءة الطبيب أو جودة الخدمة.

خامسا: انخفاض الأسعار قد يعكس الوضع الاقتصادي للبلد ومستوى الدخل، لكنه أيضا قد يعكس رداءة المعدات وإعادة تدويرها وسوء المعايير في كثير من الأحيان.

خلاصة القول إنه من المهم أن يكون من السهل الوصول إلى الطبيب، ومن المهم معرفة أنه في حال حدوث مضاعفات أو غيرها فالطبيعي أن يتوجه المريض إلى طبيبه الأصلي، وفي حال أننا جعلنا ذلك غير ممكن فلا يمكن إلقاء تبعة قراراتنا على الآخرين.

drtjteam@