عبدالله العولقي

صناعة الكراهية بين العرب

الثلاثاء - 30 يوليو 2019

Tue - 30 Jul 2019

لا شك أن العروبة تعاني اليوم أزمة صارخة قد تصل خطورتها إلى مفترق الطرق، أزمة تشكل قلقا أليما في العمق الثقافي العربي، أزمة تهدد جذور الهوية العربية، ويؤججها المتربصون بتاريخ العرب ولغتهم وثقافتهم العريقة، ولا شك أن وراء الأكمة خفايا السياسة، وصناعة الكراهية بين العرب أزمة لا تتقاطع مصالحها إلا مع الدوحة وطهران، فهي أزمة يؤججها المتكدسون في فنادق الدوحة، أولئك الذين سخروا ذواتهم طواعية لتنظيم الحمدين، وأيضا هي أزمة يؤججها الملالي المكلوم في سردابه، ويؤججها أذنابه المبعثرون على الخارطة العربية.

إن ما نلمحه اليوم في بعض المحتوى الإعلامي العربي من استهداف ممنهج لتاريخ المملكة مع القضية الفلسطينية، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك حول مخططات استهداف ثقافتنا وهويتنا العربية عبر صناعة الكراهة بين العرب وترويج لخطاب النزاعات البينية، كما يبدو أن مخزون استهلاك القضية الفلسطينية كمتاجرة بيد اليساريين العرب قد تم استهلاكه تماما في المرحلة السابقة، فالشعوب العربية قد تشبعت كذبهم وافتراءاتهم على التاريخ، واليوم هناك بقايا متهالكة من زمرتهم تحتضنهم فنادق الدوحة واستوديوهات الجزيرة ولا زالت تقتات على فتات القضية إعلاميا، كما تستجر العروبة كخطاب تحريضي يعمق فجوة الخلافات العربية.

كما يبدو أن أجندة الحرس الثوري الإيراني قد استفادت كثيرا من منهجية الاستعمار الأوروبي للجغرافيا العربية، ولا سيما حول المدرسة الشهيرة (فرق تسد) كضرورة سلوكية في تعاملها مع الذهنية العربية، ولذا نجدهم في منهجيتهم الإعلامية ينافحون بضراوة على شق الصف العروبي لصالح أجنداتهم التوسعية، وهذا ما نلمحه بجلاء في تصريحات قادة الحرس الثوري، كما أن محاولاتهم الماكرة بتمزيق النسيج الاجتماعي في العراق مثلا، خير برهان على تمحورهم حول هذه المدرسة الدنيئة، واليوم نجد القنوات الإعلامية المحسوبة على حزب الله والحوثيين تجتر الضغينة المدفونة تجاه المملكة كمحتوى إعلامي تخدع به مشاهديها وتغذي به أتباعها ومناصريها.

في واقع التحليل البنيوي لظاهرة صناعة الكراهية بين العرب، قد نتفهم كثيرا السلوك الفارسي كثنائية تنافسية مع الثقافة العربية، ولكن المضحك المبكي حول ما يقترفه نظام الدوحة من جناية تاريخية لا تغتفر بحق ثقافته وهويته العربية عندما يسهم في تعميق الفجوة بين الأشقاء العرب، ولا سيما عندما تقدم آلته الإعلامية محتوى إعلاميا مغلوطا حول تاريخ المملكة ومواقفها الخالدة مع القضية الفلسطينية.

وخاتمة القول، لا بد لصناع الإعلام والمحتوى العربي من وقفة صارمة تجاه العبث بثقافتنا وهويتنا العروبية، ولا بد - كضرورة ملحة - للجامعات العربية ووزارات التعليم الوطنية ومراكز الدراسات والأبحاث المتخصصة من عقد اجتماعات ممنهجة تثري عقول الناشئة وأجيال المستقبل بمهارات العصر، وتحجبهم كذلك عن كل مغذيات الكراهة البينية في ثقافتنا، كما تثبت لهم الحقائق والأدوار التاريخية في هويتنا وثقافتنا العربية، فلا بد من إجلاء الحقائق وإبرازها حول أدوار المملكة الفاعلة والمشرفة مع تاريخ القضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه لا بد من فضح وكشف كل الزمر وأحزاب الوكالة التي تتاجر بالقضية لصالح أجندات أجنبية وتخريبية في المنطقة، حتى لا ينساق بعض الأشقاء الفلسطينيين والعرب - المغرر بهم - وراء تزييف الحقائق، والإسهام بلا وعي في صناعة الكراهة بين العرب.

@albakry1814