عبدالله محمد الشهراني

أبو أمين

الأربعاء - 24 يوليو 2019

Wed - 24 Jul 2019

تخيل أن كيانا كبيرا بحجم قطاع الطيران «الهيئة العامة للطيران المدني، شركات الطيران، الشركات المساندة لقطاع الطيران، شركات البناء والتشييد، شركات الصيانة والتشغيل... إلخ»، تخيل أن هذا الكيان الكبير كله عندما تذكر فيه هذه الكنية «أبو أمين» يعرف صاحبها مباشرة.

ذلك الفتى اليافع الذي بدأ حياته العملية «متسمرا فوق بلاطة الدغيثر» (هذا المصطلح لا يعرفه إلا موظفو المطار). شخصية عصامية بمعنى الكلمة، ولدت داخل المطار وعاشت داخل أسواره أكثر من أي شخص آخر. بدأ موظفا صغيرا في الخطوط السعودية يستقبل المسافرين ويرشدهم إلى المواقع التي يفترض منهم التوجه إليها، ثم انتقل إلى الكاونترات، ثم صار مشرفا، ثم مدير وردية، وتولى بعد ذلك عدة مناصب أخرى حتى وصل إلى مرتبة المدير العام التنفيذي للخطوط السعودية بمطار الملك عبدالعزيز، ثم صار مساعدا لمدير عام الخطوط السعودية للعمليات الأرضية، ثم مسؤولا عن المشروعات الجديدة في مطار الملك عبدالعزيز الدولي.

ترجل الفارس (أبو أمين) برهة من الزمن فكتبت مقالا عنه شبيها بالذي تقرؤه الآن، لكن «وفي تصرف خاطئ مني» تراجعت وسحبت المقال، بسبب تعيين أبو أمين - من قبل الهيئة العامة للطيران المدني - «مديرا عاما لمطار الملك عبدالعزيز الدولي»، نعم تصرف خاطئ! فلماذا نصر على تكريم الناس والاحتفاء بهم بعد مماتهم أو في أفضل الأحوال بعد تقاعدهم!! تقلد «أبو أمين» أعلى منصب في بيته الذي أحبه (مطار جدة). أتذكر شكل وحجم فرحة الناس يوم صدور القرار، وأكاد أدعي أيضا بأن الجمادات ذاتها - داخل المطار- سعدت حينها بالخبر، فلا أحد يعرف جيدا حجم المشكلات وشكل المعاناة داخل مطار جدة مثل «أبو أمين».



أول مرة رأيت فيها «أبو أمين» كانت في مستودع قطع الطائرات، كان يسأل يومها (في مسمار عندكم زي هذا؟)، يبحث بنفسه عن مسمار يصلح به سير الحقائب المتعطل داخل المطار! وقد رأيته يحضر الساندويتشات إلى موظفيه (المواصلين) بعد انتهاء وردياتهم. لقد كان شديد الاهتمام بأبنائه - الموظفين والعاملين - وخصوصا المتميزين. أبو أمين مدرسة في صناعة الكوادر.

لن أنسى صديقي الذي تعسرت أحواله في المطار ذات مرة وضاقت به السبل، حتى أشار إليه العسكري (روح إلى أبو أمين... ذاك الرجل هناك). وفعلا رافق أبو أمين الرجل وعائلته خطوة بخطوة حتى وصلوا إلى بوابة المغادرة، وقد اتصل بي هذا الصديق فرحا يوم تعيين «أبو أمين» راويا لي تلك القصة القديمة. لقد مزج هذا الرجل بين العمل بإخلاص ومحبة الناس وفعل الخير .. والأهم من ذلك كله بره بوالديه، ومن زار بيته - حين كان والداه على قيد الحياة - فسوف يعي جيدا ما أقول، فماذا تكون نتيجة كل هذا المزيج الفريد!

نقطة من أول السطر.. معالي رئيس الهيئة العامة للطيران المدني الأستاذ عبدالهادي المنصوري، إن الطاقة الاستيعابية لمطار الملك عبدالعزيز 7.5 ملايين مسافر، وقد وصل عدد المسافرين عام 2018م إلى 41.2 مليون مسافر، وأستطيع أن أدعي بأن «أبو أمين» كان له دور رئيسي في «إدارة» هذا النمو الكبير رغم سوء المرافق وضيق المساحات، وحيث إننا في قطاع الطيران نعلم جيدا تميز معاليكم في مجال «الموارد البشرية» بجانب قدراتكم الإدارية الأخرى، فإننا نطلب منكم أن تستنسخوا لنا من «أبو أمين» الأستاذ عصام فؤاد «اثنين، ثلاثة أربعة نسخ ... اللي يقدركم عليه ربنا».

ALSHAHRANI_1400@