طارق جابر

البداية.. كيف تختار طبيبك؟

الخميس - 18 يوليو 2019

Thu - 18 Jul 2019

نحن لا نختار أمراضنا، وإن كنا نساهم أحيانا في حدوثها، ولكننا ربما نستطيع اختيار من يعالجنا.

في السابق كانت اختيارات الناس محدودة، فالذهاب إلى مستشفى حكومي لا يعطي المريض هامشا كبيرا من الحرية في اختيار الطبيب، وإن أعطاه فإن اختياراته تبقى محدودة جدا، وكذلك أطباء العيادات الخاصة، فأعدادهم أيضا كانت قليلة.

لكن مع تغير العادات السلوكية والاستهلاكية للمجتمعات وتداخل الاقتصاد والطب، أصبح الناس لا يذهبون للأطباء عندما يمرضون فقط، بل للاطمئنان أحيانا أو للبحث عما يجعلهم أجمل وأكثر نضارة ورشاقة. وفي الوقت نفسه تغيرت طريقة إدارة الخدمات الطبية، وأصبح التوجه نحو الخصخصة جليا، وبات الجزء الكبير من الناس يحملون وثائق التأمين الطبي التي تسمح لهم باختيار المستشفى والطبيب، وزاد بالتالي عدد الأطباء باختلاف خلفياتهم، واستخدمت وسائل الدعاية والإعلان والتواصل الاجتماعي للترويج، وأصبح العلاج (خدمة) والمريض (زبونا).

هذا كله أعطى المريض مجالا لاختيار الطبيب الذي يرغب بأن يكون العلاج على يديه. وإن كان هذا الأمر لا يزال مقيدا جدا لمن يعالجون في مستشفى حكومي، إلا أن الخيارات متاحة وكثيرة للذين يتوجهون للمستشفيات الخاصة، وهؤلاء كنسبة وعدد في ازدياد كما أسلفنا.

فما هي العوامل التي يبني الناس عليها اختياراتهم؟ وكيف يمكن أن يتخذ المريض القرار الصحيح؟

العوامل الرئيسية التي على أساسها يفاضل المرضى هي الشهرة والظهور، المؤهلات، التجارب السابقة، تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، السعر، المكان، أخيرا وليس آخرا الارتياح النفسي. وسوف نستعرضها ونحللها تباعا:

- الشهرة والظهور:

على الرغم من أن الانتشار والشهرة هما نتيجة للعمل وانعكاس للنتائج، إلا أنه ليس كل ما يلمع ذهبا. والأداء المبهر في سناب شات قد لا يعكس القدرة نفسها في غرفة العمليات. ومع هيمنة وسائل الإعلام على العقول وشراسة أدوات الدعاية والإعلان، أصبح هناك انفصام بين عالم الواقع وعالم الأضواء، وصار من الممكن إبراز أي شخص وتلميع صورته بما قد لا يتناسب مع قدراته. وهنا يجب ألا يفهم أن التواجد الإعلامي نقيصة أو خداع، ولكنه لا يمنح شهادة جودة لوحده.

- المؤهلات:

من المهم جدا أن تعرف ما إذا كان طبيبك مؤهلا تأهيلا جيدا، ومرخصا لعمل الإجراء المطلوب. في البداية يجب أن يحصل الطبيب على مؤهل يؤهله لحمل لقب المرتبة الطبية اللازمة كاستشاري أو أخصائي، وهذا المؤهل يمنح من قبل الجهة المدربة والمقيمة. وهنا تكمن بعض المغالطات المقصودة. كثير من (الزمالات والعضويات) عبارة عن اشتراكات مدفوعة ليس لها أي وزن علمي أو وظيفي، فكلمة زميل كلية الجراحين الأمريكية لا تعني أن الطبيب حاصل على البورد الأمريكي في الجراحة، وكلمة عضو في الجمعية الأوروبية لجراحة كذا وكذا تعني فقط أن الطبيب يسدد رسوم الاشتراك بانتظام.

بعض الشهادات كانت لا تتطلب أن يخضع الطبيب لفترة تدريب (إقامة) في مستشفى معترف في البلد نفسه. وبعض الزمالات كل فترة تدريبها أسبوع واحد فقط، وبعضها بالمراسلة. كما أن الحصول على زمالة من دولة مثل كندا أو أمريكا في تخصص دقيق لا تعني حصول الطبيب على شهادة التخصص أو البورد من هذه الدولة.

لذلك قامت الهيئة السعودية للتخصصات الصحية بتصنيف الشهادات، ومنح التراخيص لمزاولة الأنشطة الطبية المختلفة بناء عليها. وأصبح هناك ترخيص خاص للتخصصات المختلفة، ولا سيما الرائجة كجراحة السمنة والتجميل.

ولأن الموضوع مهم ومتشعب، سنكمل الحديث الأسبوع المقبل إن شاء الله.

drtjteam@