منيرة عبدالله الشملان

صديقتي الغنية وصديقتي الفقيرة

السبت - 13 يوليو 2019

Sat - 13 Jul 2019

على غرار كتاب الأب الغني والأب الفقير للكاتب الأمريكي روبرت كيوساكي، أحب أن أتامل حياة الناس، وكيف يكون تعاملهم مع المادة، وكيف تؤثر قراراتهم المالية في مرحلة مبكرة على مستقبلهم؟

لم أختر صديقتي اعتباطا ولا بفروقات كبيرة، فكلاهما من أسر متوسطة الدخل، تزوجتا وعملتا بعد الجامعة مباشرة، وبعد 17 سنة من الزواج كان حال كل من صديقتي الفقيرة والغنية كالآتي:

صديقتي الفقيرة وزوجها (ما شاء الله عليهم ما يحطون شيء في خاطرهم)، دخل الزوج 24 ألفا، وراتبها 6 آلاف، مجموع دخلهما 30 ألف ريال.

كان حفل زواجهما من أرقى وأجمل حفلات الزواج التي دعيت إليها، 800 مدعوة، ومطربة مبدعة أحيت الحفل، كانت أغنية الزفة لمحمد عبده، لا تسعني المساحة للحديث عن تفاصيل فخامة الزواج، وبتخمين بسيط كلف ربع مليون ريال دفعها أبوالعروس.

استأجرا شقة بـ 50 ألفا، وكلفهما أثاثها أكثر من قيمة الإيجار، سفرياتهما لا تتوقف، أفخم الفنادق، والرحلات درجة رجال الأعمال، وقررت الاستغناء عن الوظيفة التي تعوق تحركاتها وتربطها بدوام، وكانت تطلب إجازات، بعد سنة من الزواج كان الدخل السنوي (- 72 ألف ريال)، صديقتي «الفقيرة» لا ترتدي إلا ملابس ماركات، وتملك حقيبة جلد تمساح بـ 80 ألف ريال، وأقل ساعة يومية ترتديها بـ 50 ألفا، باختصار كل متع الحياة.

أنجبت أطفالا وراتب الزوج لم يتغير، أصبح الراتب يذهب إلى إيجار الشقة ومصاريف المدارس، فحضانة الطفل الصغير تكلفهم 24 ألفا، وراتب الخادمة والسائق 33 ألفا سنويا، ومطاعم وما إلى هنالك، وفي نهاية الشهر تشتكي من أن زوجها «يبكي»، فلا يوجد في حسابه إلا 60 ريالا، لا تكفي لوقود سيارته الألمانية كاملة المواصفات ذات الأقساط غير المريحة.

أما صديقتي الغنية، فراتبها 6 آلاف وراتب زوجها 10 آلاف، أصبح دخلهما الشهري 16 ألف ريال، كان حفل زواجهما مقتصرا على 200 مدعوة، كان بسيطا وسعيدا بمن تحبهم ويحبونها، استغنت عن المطربة بـ «DJ». سكنت في بداية زواجها في شقة بمنزل أسرة زوجها، في شهر العسل سافرت بعروض رحلات قصيرة لكن جميلة. استغنيا عن السائق، فزوجها بسيارته اليابانية يوصلها إلى كل مكان.

كانت توفر راتبها بالكامل وجزءا من راتب الزوج، بعد 6 سنوات انتقلا لعمارة بسيطة يملكانها، سكنا الدور الأرضي بمدخل وباحة منفصلة، أصبح زوجها يعاني من انتقاد الأصدقاء بالاستراحة ينادونه «يالحضرمي»،

وهو بكل فخر يجيب «حضرمي وتعلموا من الحضارم».

اختاروا للأبناء مدارس حكومية مع معاهد خاصة للغة الإنجليزية، وللطفلة حضانة في جهة عمل الأم.

بعد ثلاث سنوات غطت العمارة تكاليفها بالكامل، ووفرا جزءا من ريعها وضعاه في استثمار جريء غطى تكاليفه خلال سنة.

تمكنا من شراء شقة في دولة عربية في كمباوند تؤجر عبر شركة طول السنة، وتكون للعائلة شهرا في الصيف يستمتعون بها.

بعد 15 سنة من زواجهما وزيادة احتياجاتهما تمكنا من السكن ببيت العمر (600م2) بمسبح، لم يكمل أثاث مجلس الضيوف بعد.

صديقتي الغنية وصديقتي الفقيرة شخصيتان حقيقيتان، الأدهى أن صديقتي الفقيرة تنتقد صديقتي الغنية بقولها «فلانة عايشة؟!»، لا ألوم صديقتي الفقيرة، فالزواج شركة، وصديقتي الغنية وزوجها قررا أن يعيشا لنفسيهما ولأطفالهما لا للمظاهر، جعلا المادة تخدمهم، وكانت نظرتهما قاصرة على احتياجات أسرتهم الأساسية والله بارك لهما.

أما صديقتي الفقيرة وزوجها عاشا للمظاهر، والزوج يبحث عن ترقية ووظيفة أفضل، بينما زوج صديقتي الغنية يبحث عن فرص استثمارية أفضل تضمن له حياة كريمة بعد التقاعد.

تتخيل أن 17 سنة طويلة، لكنها مرت بلمح البصر، يمكنك لو كنت في حفرة التوقف عن الحفر والتوجه بطريقة حياة صديقتي الغنية، لا ألوم صديقتي الفقيرة وزوجها، فتعلم كيفية التعامل مع المال توقف بالمدارس مع تحويل مادة الحساب إلى مادة الرياضيات التي لا تفيد بالتعاملات المالية.

الآن بعد خروج جيل تعلم التعامل مع الأموال من الأبوين، وبعد أن عاد تعليم التاجر الصغير بالمدارس؛ عاد الأمل.