مانع اليامي

كن أنت ولن تندم

الجمعة - 12 يوليو 2019

Fri - 12 Jul 2019

في حوار عام لفت نظري، وربما بعض الحضور، أحدهم وهو يتحدث كثيرا عن أسرته من حيث المكانة والهيبة. أسرف في الوصف، وقفز كثيرا على الواقع حد اللا مقبول، ولم يكن من المستحسن وقتها معارضته صراحة، احتراما للمكان، وتقديرا للحضور.

كانت التلميحات سيدة الموقف، وقد فهم معظم الحضور جلها، وخففت بالتالي من مستوى التسليم بما يحاول غرسه في ذهنية القوم.

لا أحب حقيقة الخوض في مثل هذه الأمور التي تغذيها المجاملات على حساب الحقائق، ولكن حينما تتورم حالات تمرد بعض شرائح المجتمع على الواقع علانية وتختلط الأمور، تصبح المكاشفة ضرورة، ويكون التنبيه لزاما في وقت تلونت فيه بعض مسارات الحياة بالألوان الباهتة.

نعم للتاريخ كلمته، وبالتالي يجب ألا نمرر عمليات القفز التي يمارسها بعض من الناس لغرض تجميل المكانة الاجتماعية، والمقصود هنا مكانة الفرد أو الأسرة في المجتمع، وفق المحددات التي من بينها الأصل الأسري والجذور والحسب والنسب وموارد الهيبة.

المصيبة أن هذه المغالطات تتحول مع مرور الأيام إلى تراكمات سلبية، وهل يجوز أن نقدم النشء إلى المستقبل بهوية اجتماعية خاطئة تدفعهم للتعالي من الأبواب الخلفية، وبالتالي التمرد على الواقع بطريقة خاطئة فالها الصدمة في أول مواجهة صريحة مع أي موقف اجتماعي عام.

حتى لا يأكل نصف الحديث نصفه الآخر، أقول إن الانفصال عن الواقع يعبث في الحياة ويقلب موازين جمالياتها، وهنا تكمن المهمة الصعبة، فالحفاظ على نقاء المجتمع يأتي من بوابة مواجهة السلبيات، وتسمين مشاريع التوعية وفتح أبواب المصارحة المنتهية إلى النزول إلى الأرض وفك الارتباط بالوهم.

ما أرغب الوصول إليه هو أن الانشقاق عن المكانة الموروثة هو أمر مرفوض عند كثيرين، ولا تجوز رعايته، والأصل أنه لا يمكن قبوله كحالة احتجاج على التاريخ، بقدر ما هو أعظم مغالطة للتاريخ نفسه. العلماء والفلاسفة أوضحوا أن ثمة علاقة بين استمرار المجتمع وتباين القوة والامتيازات، فكونوا كما أنتم ولن تندموا، وبكم يتجدد اللقاء.

[email protected]