مي الشريف

هيكلة الحشد الشعبي.. تقنين أم تعزيز!

الثلاثاء - 09 يوليو 2019

Tue - 09 Jul 2019

كان دخول داعش السيناريو الأمثل لإيران لزيادة التحكم في المشهد الأمني والسياسي في العراق، ففي عام 2014 صدرت فتوى المرجع الشيعي السيستاني التي حث فيها على الجهاد ضد هجوم شنه تنظيم داعش داخل المدن العراقية، وتشكيل قوات مسلحة من المتطوعين لمساندة القوات الأمنية، أطلق عليها مسمى «الحشد الشعبي»، لينضم له عشرات الآلاف أغلبهم من الطائفة الشيعية جرى تدريبهم عسكريا وتسليحهم. وبعد 5 سنوات من تلك الفتوى، قررت الحكومة العراقية الأسبوع الماضي تقنين قوة الحشد وإغلاق جميع مقراته، ودمج قواته مع الجيش العراقي، وذلك بعد قلق داخلي حول ولائه الشديد لطهران، وتحذيرات أمريكا المكررة حول ارتباطه مع النظام الإيراني.

الحذر الداخلي يكمن حول وجود قوة ولاء خارجي وآلاف المقاتلين المسلحين والمدربين بمستوى عال، والذي يعد جيشا رديفا للجيش النظامي، يعارض المصالح الإقليمية العراقية. فقد أصبحت ميليشيات الحشد تحت أنظار التقارير الدولية والحقوقية التي لها علاقة بجرائم طائفية دامية ومسؤولة عن تهجير عشرات القرى السنية.

أما من ناحية انتمائها لولاية الفقيه فهي تعرض الحكومة والشعب العراقي لعقوبات اقتصادية أمريكية، بسبب ارتباطها المالي والعسكري بإيران، وتأكيد ضلوعها في هجمات خلال الشهر المنصرم في منطقة الخليج العربي، ومنها أيضا إطلاق الصواريخ على شركات أمريكية في البصرة والمنطقة الخضراء ببغداد وقرب قاعدة عسكرية أمريكية في الرمادي، كلها مؤشرات تهدد مصالح العراق الوطنية لحساب مصلحة الأمن القومي الإيراني.

رغم غموض الجانب التنفيذي والإداري لقرار الحكومة، ورغم الشكوك حول دوافع إصداره في هذا الوقت، والتشكيك بإمكانية تطبيقه، إلا أنه لا يعد المحاولة الأولى لإعادة هيكلة الحشد الشعبي، فقد أصدرت بعض القرارات المماثلة عام 2016، وألحقها رئيس الوزراء السابق العبادي بقرارات أخرى. ولكن لا يستبعد أن تكون إعادة الهيكلة هذه المرة محاولة صورية يجري طرحها الآن كخطوة استباقية لتبرئة الحكومة من أي هجمات مستقبلية قد تمس الجانب الأمريكي وحلفاءه في منطقة الخليج من قبل الحشد الشعبي، ومحاولة عزل وتبني موقف الحياد من أي حرب متوقعة بين إيران وأمريكا.

ويبقى التساؤل حول جدية قرار رئيس وزراء حكومة العراق عادل عبد المهدي، ومدى التزام الحشد الشعبي بالأمر الديواني الحكومي! فمن جهة قد يكون القرار تعزيزا لنفوذ الحشد داخل المؤسسة العسكرية الحكومية، وليس تقنينا لعمل الحشد. ومن جهة أخرى قد يكون القرار مناسبا لقادة الحشد من الناحية الاقتصادية، حيث يضمن التدفق المالي عبر إيرادات حكومة العراق في ظل العقوبات الأمريكية على إيران، وإن كانوا تحت مسميات أخرى. فتثبيت قادته إلى ضباط حكوميين بولاء خارجي وكيان مستقل قد يحوله إلى نسخة طبق الأصل عن حزب الله في لبنان، والحرس الثوري في إيران.