طلال الحربي

مجلس الشورى و2030

الاحد - 30 يونيو 2019

Sun - 30 Jun 2019

في ظل تغيرات جذرية تاريخية سريعة متسارعة تعيشها المملكة اليوم، في ظل شمولية في إعادة برمجة كل مكونات الدولة السعودية سياسيا واقتصاديا وفكريا ومجتمعيا وأمنيا، في ظل رؤية الوطن نحو 2030، وفي ظل التطورات المنهجية في حياة المواطن كفرد، وحياة المواطن كمجتمع، وفي ظل خلية العمل الدؤوب في مؤسسات وأجهزة الدولة الرسمية، نجد أن كل ما يجري ويصدر ويقر وينفذ ويطبق، إنما هو نتيجة لقرارات وتشريعات وملفات ناظمة لكل شيء، لكن يبقى السؤال المهم الذي نسأل أنفسنا به دائما: أين مجلس الشورى من كل هذا؟ أو لعل السؤال الأنسب: في أي زمن تعطلت آلة الزمن لدى مجلس الشورى ولم يصبح معها قادرا على مواكبتنا في العام 2019 وما سيليه من أعوام إن شاء الله؟

لست منتقدا ولست منتقصا والعياذ بالله، وأكن احتراما خاصا لكل عضو مجلس شورى سابق أو حالي أو لاحق، ولكني أتألم حين أجد هذا الكم الهائل من الانتقادات الموجهة له، وأحصر الانتقادات فيه كمؤسسة اعتبارية وطنية وليس بشخوصه، فهو مجلس شورى ولي الأمر، وبالتالي فإن عملية تناوله ناصحين أو مرشدين أو حتى منتقدين هو أمر جائز لنا، لأننا نعلم جيدا أن ولي الأمر نفسه بشخصه يقول دائما: صديقي من أهدى إلي عيوبي، فكيف إذن بمن اختارهم ليكونوا مجلسا للشورى له وعليه ومعه؟ الأمر يحتاج منا إلى وقفة فعلية حقيقية نعالج فيها آلة الزمن المتوقفة، لأننا بكل اختصار نريد مجلس شورى يسبقنا بأعوام نحو المستقبل. أعلم أن الرد الأولي على كلامي وعلى كل منتقد هو أن هذا المجلس ليست له صفة تنفيذية، وبالتالي قراراته غير ملزمة، وأعلم جيدا أن هذه صفة تنظيمية له، ولكن السؤال الذي أطرحه: هل إذا كان لمجلس الشورى موقف من قضية أو قرار حكومي معين؛ هل الحكومة لا تسمع له؟ بل تسمع، وكل أركان الدولة آذان صاغية له، ولكن أليس من الأولى بمجلس الشورى ألا ينتظر ورود المقترحات إليه، بل أن يسعى هو ويسبق الحكومة نفسها؟ أليس من الأولى له أن يكون الآن فعليا يناقش قرارات ومقترحات عام 2020؟

كونه مجلسا استشاريا وليس تنفيذيا من المفروض أن يعطيه الحرية أكثر في مناقشة أي أمر وأي ملف وأي قرار، إن هذه الحرية في كونه استشاريا لا بد أن تجعله يسبق الجميع، ولا بد أن تعمل الحكومة ومؤسسات القطاع العام على اللحاق به.

على مجلس الشورى أن يبدأ بتغيير نمطية تفكيره، وينتقل إلى مراحل الاستشراف والتنبؤ والتوقع، ثم يبدأ بطرحها تخصصيا ومهنيا وفكريا وعلميا على أعضائه أو يستعين بالجهات المختصة، وهذا ما سيجعل المجلس أهم من كونه تنفيذيا إلى كونه إرشاديا مستقبليا، وحين تتخذ الحكومة قرارا ما، فما أروع الوطن حين يناقش مجلس الشورى نتائج هذا القرار على المملكة بعد مئة عام، وما أجمل العمل حين تعلم الحكومة أن قرارا ما لا بد أن تبت فيه، كان لمجلس الشورى رأيه واستشارته مسبقا عليه. نريد مجلسا حقيقيا فعالا نجد نتائجه في كل لحظة من لحظات حياتنا كأفراد ومؤسسات ومجتمعات، داعما لرؤيتنا محققا لغاياتها، أنموذجا فريدا لوطن عظيم وقيادة حكيمة.