عرفتك.. هذا خط يدك!

الأحد - 23 يونيو 2019

Sun - 23 Jun 2019

«تحليل الخطوط»، ينسحب الذهن عند سماع هذه العبارة إلى ما يدعى «الجرافولوجي»، وهو «علم تحليل الشخصية» عبر الصفات الفيزيائية لخط اليد، ويدعي القائلون به المقدرة على الكشف عن الحالة النفسية للكاتب، ووصل الأمر ببعضهم إلى حد تقييم الصفات الشخصية وهل الكاتب مريض نفسي أو متعاط للمخدرات مثلا! هذا «العلم الزائف» كان بين أخذ ورد طول القرن الماضي، ولم تثبت صحة نتائج تجاربه مع وجود بعض التوافقات.

لكن حديثنا اليوم في مسار آخر مختلف!

هل شعرت يوما بالحرج وأنت تجلس أمام موظف البنك الذي طلب منك إعادة التوقيع على أوراق روتينية عند إجراء بنكي يتطلب ذلك، بسبب أنك لم توقع بشكل صحيح؟

حككت رأسك بالقلم وأنت تعصر ذاكرتك، لاحظ الموظف ارتباكك فأدار لك الشاشة بشكل خاطف ليعطيك لمحة عن التوقيع ويخفف عنك الحرج، كأنه صب عليك ماء باردا في يوم حار، لقد تذكرتَ الآن ووقّعت بثقة وتكاد تخرق الورقة!

إذن، هل لخط كل منا شكل مختلف وفريد يميزنا عن غيرنا؟

في الحقيقة هذا صحيح إلى حد بعيد، وأقرب مثال عملي على ذلك مقارنة التواقيع لاكتشاف المزور منها. وهذا هو سبب طلب موظف البنك أعلاه أن تعيد التوقيع.

اطمئن، ليس بالضرورة أن تكون تواقيعك متطابقة تماما، المهم أن تكون السمات العامة للتوقيع متطابقة بنسبة كبيرة، ومن أهمها:

- طريقة رسم الحروف بداية الكلمات وآخرها.

الحروف المنفصلة:

(أ، د، ذ، ر، ز، و)، كل منا يرسمها بشكل مختلف تقريبا، الحرف «د» مثلا، هل ترسمه بزاوية حادة أم منفرجة أم هو ملتف، هل طرفاه متساويان أم إن أحدهما أطول من الآخر؟

الحروف ذات النقط:

هي من السمات المهمة للخط، وسرعة كتابتها تعطيها شكلا شبه متطابق عند كل شخص.

النقطة والحرف:

عادة ما تكون المسافة بينهما ثابتة عند كل شخص، خاصة إذا كانت الكتابة في جلسة واحدة.

اتجاه الخط وميلانه:

تعد هذه النقطة الأهم، فكتابتك قد تكون مائلة إلى اليسار، فيما عند غيرك تكون مستقيمة أو مائلة إلى اليمين أو مضطربة عند آخر.

حجم الكلمات والحروف:

منا من يحتاج إلى سطر كامل لكتابة 4 كلمات، وبعضنا يكتب 10 كلمات في سطر واحد.. وهكذا.

تحت السطر وفوق السطر:

إذا كانت الصفحة مسطرة سيكون رسم الحروف منضبطا أكثر، وهنا يمكننا التمييز بشكل أفضل بين الخطوط المختلفة.

هل لهذه المقارنات تطبيقات عملية أم هي مجرد «كلام»؟

في الحقيقة يلجأ القضاة إلى خبراء الطب الشرعي والمختصين بفحص الخطوط لاكتشاف التزوير في التواقيع والوثائق، وأحيانا تعد النتائج دليلا يستندون إليه في الأحكام، لهذا يطلب من المتهمين بالتزوير كتابة جمل معينة على أوراق عدة لمطابقة طريقة الكتابة مع الوثيقة أو التوقيع المزور، لاكتشاف إن كان الكاتب هو نفسه.

هل تريد أن تجرب؟

إذن أحضر ورقة، واكتب سطرين أو ثلاثة، ثم اطلب من أصدقائك أو أفراد عائلتك كتابة النص نفسه على أوراقهم الخاصة، صدقني ستكتشف أن ما تحدثت عنه سابقا حقيقي، وستستمتع بهذه التجربة.

@jamalsallat