مرزوق تنباك

أستأذنكم

الثلاثاء - 18 يونيو 2019

Tue - 18 Jun 2019

عزيزي الأستاذ موفق النويصر وفقه الله ونصره، رئيس كتبة مكة المكرمة زادها الله تكريما وتشريفا، اسمح لي أن أستأذنك بعرض حال أتقدم به وأشرح السبب، وأرجو إجابة الطلب. منذ أكثر من أربعين عاما وقعت - أجارك الله - في حب صاحبة الجلالة زادها الله جلالة وتوفيقا، وكان حبا من جانب واحد يكلفني كثيرا من الوقت والجهد والصداع المزمن في بعض الأحيان، ومع ما نحن فيه من حب فإنه حب كحب العشاق العذريين الذين كلما واجهوا ضروبا من الصد والحرمان عمدوا إلى صوغ القصائد والألحان فزادهم ذلك حبا فيمن صد وتلذذا بصده، فأفاضوا عواطفهم بمزيد من الوله والحرمان، نظموا القصائد والمطولات حتى عرفهم الناس بحبهم ورقوا لحالهم.

ولكي أصدقك القول فليس حبي حبا لوجه الله ولا لوجه صاحبة الجلالة، ولكنه حب من نوع آخر توجبه علاقة وحقوق أهمها الالتزام والمواظبة على موعدها في وقت محدد وزمن لا يترك للكسالى مثلي فرصة التأخير أو الاعتذار، تنقطع صلة الملول والمشغول وتتباعد العلاقات بينهما فيطول الصد ويستمر البعد، هنا تكون مشكلة حبي وصلتي، ولا أكتمك سرا أن علاقتي بالصحافة قبل مكة كعلاقة المحبين في هذا الزمن الجميل التي لا تدوم طويلا، وتتغير مع الظروف والأحوال، وتنتقل كذلك من محبوبة إلى أخرى.

كنت أكتب للصحافة وأعشق ما أنا فيه من لقاء المحبين في كل صباح وأريد أن أشاركهم المرور غير الدائم الذي لا أستطيعه في كل الأحيان، ولهذا تدوم علاقتي ببعض الصحف أياما أو أشهرا قلائل ثم تنتهي الصبوة وتنقطع الصلة من جانب واحد أيضا هو جانبي حين أختار الفراق على مضض، مع أني من الذين لا يصبرون على طعام واحد، تشغلني قضايا الحياة وواجباتها في شؤون لا تكون الصحافة جزءا منها فأنصرف عنها، ومع ذلك فقد مررت على كثير من الصحف وبعض المجلات مرور الكرام في حال، ومرور العشاق المتسرعين في أحوال كثيرة، أكسبني تقلب الأحوال سعة من الخيارات وتعددا بالمناسبات، وهي خيارات تجعلني دائم الشوق والانقطاع.

كنت على هذا الحال في التنقل بين صفحات صحف بلادنا الغالية، ولم تدم علاقتي بأي منها أكثر من سنة، باستثناء مجلتنا الحبيبة اليمامة التي دامت الصلة بها طويلا بفضل لطف أخينا الحبيب فهد العبدالكريم حفظه الله الذي ربطني حبه في اليمامة طويلا قبل انتقاله عنها وانقطاعي منها. وأصبحت فارغ البال من هموم الناس وشؤون الكتابة حتى ردني أخي الدكتور عثمان الصيني إلى صحيفة مكة منذ العدد الأول لصدورها، ودعاني مشكورا، ولم أتردد بقبول دعوته وسررت بها وفي نفسي أن تعود حليمة إلى عادتها القديمة، فلتكن أياما أو أسابيع أجيب دعوة أخي وأمارس تجربتي ثم أنصرف لشأني، لكن هيهات.

لقد كان الرباط والحب والعشق لـ «مكة» قد ذلل كل العلل والمثبطات، واستمرت الصلة وكانت «مكة» وعشقها أقوى من العوارض والأعذار، ولم أنقطع عن أحبابي الذين أصافحهم على صدرها الحنون في كل أربعاء منذ العدد الأول لصدورها إلى هذه الساعة، حتى الإجازات التي تمنحها «مكة» لكتابها كنت في غنى عنها أؤجلها وأماطل بالتمتع بها شوقا لـ «مكة» ولقرائها.

بقي أن أستأذنكم هيئة تحرير مكة وقراءها، وأشعركم أنني بحاجة إلى إجازة لن تطول إن شاء الله، وشوقي لـ «مكة» ولكم سيردني إليكم، ولن أفرط في المحبة التي كانت بيني وبينكم.

Mtenback@