أيمن التميمي

الجزيرة.. وخداع المتابع العربي

الاثنين - 17 يونيو 2019

Mon - 17 Jun 2019

المتابع للسياسة سواء على القنوات التلفزيونية أو منصات التواصل الاجتماعي كتويتر مثلا يلاحظ كثافة الأخبار السلبية التي تنشرها قناة الجزيرة على شاشاتها ومنصاتها الرقمية عن السعودية ومدنها المختلفة كالرياض، جدة، مكة، أبها، نجران، جيزان، وغيرها، حيث تكاد لا تجد تغريدة في مواقعهم لا يتم إقحام اسم «السعودية» فيها. فرحة مذيعي الجزيرة بخبر سقوط صاروخ أو مقذوف حوثي على إحدى مدن المملكة تفوق فرحة الإيرانيين وميليشياتهم، لدرجة أنه يتم في اليوم نفسه وعلى الفور عقد البرامج الحوارية عن خبر المقذوف أو الصاروخ، واستضافة «جهابذة» عملاء إيران واستنطاقهم من قبل مذيعي الجزيرة لشتم السعودية والإساءة إليها، وكيف أن سقوط مثل هذه الصواريخ والمقذوفات يدل على ضعف المملكة في الدفاع عن نفسها، وأن الإمكانات السعودية لا تساوي جناح بعوضة أمام إيران وقدراتها الفولاذية! وتناسوا أن أقوى الجيوش في العالم التي لديها أفضل التقنيات والعتاد العسكري يتم استهدافها بين الفينة والأخرى ويقع بين صفوفها خسائر ولو كانت محدودة.

اليوم إيران والحوثي وحزب الله لم يعودوا في حاجة شن حملات إعلامية على المملكة، فالجزيرة تكفلت بهذا الشرف، وأصبحت تكفيهم هذا الباب، خاصة بعد المقاطعة المفروضة على النظام القطري عام 2017، وأصبحت تقارير هذه القناة تعتمد على مقاطع يصورها الإيرانيون والحوثيون وحزب الله لتسويقها للمشاهد والقارئ على أنها لب الحقيقية وعصارة الحق.

طبعا المتابع للسياسة لا يستغرب مثل هذا الهوس، فهذه القناة منذ تأسيسها عام 1996 لم تكف عن مشاغبة السعودية على وجه الخصوص ودول المنطقة بشكل عام، وكان ذلك يتم أحيانا بشكل مباشر وأغلب الأحيان بشكل غير مباشر. أما سبب استهدافها للسعودية فهو ليس لغزا يصعب فهمه ولا سرا لا أحد يعلمه. فهذا الاستهداف بدأ منذ لم تؤيد المملكة الانقلاب الذي جرى في الدوحة على الشيخ خليفة رحمه الله، والذي تولى فيه حمد حكم قطر.

ومنذ ذلك التاريخ لم تكف قناة الجزيرة عن الترويج لكل خبر يسيء للمملكة ومكانتها على المستوى العربي والإسلامي والعالمي. ولكن كانت حملات قناة الجزيرة على المملكة تمر بمراحل مختلفة من التصعيد، فتشتد كثافتها في سنوات معينة وتكاد تضمحل الحملات عندما تتحسن العلاقات مع المملكة.

وذكرت الدكتورة فيجينشو - البروفيسور في تخصص الإعلام والاتصال في جامعة أوسلو - في دراسة تحليلية عن قناة الجزيرة الإنجليزية، نشرتها في كتاب عنونته بـ «الجزيرة والمشهد الإعلامي العالمي: الجنوب يتكلّم مرة أخرى Al Jazeera and the Global Media Landscape: The South is Talking Back» كيف تتجنب الجزيرة التحدث عن قطر ومشاكلها الداخلية، وكيف أن هذه القناة تعمل كوزارة خارجية وناطقة باسم النظام القطري.

كما أشارت فيجينشو إلى أنه عند تحليل أكثر من 1300 خبر لقناة الجزيرة لمدة خمسة أشهر عامي 2007 و2008 لم يتم التطرق لأي خبر عن قطر أو المشاكل الداخلية في قطر. فهل قطر تخلو من المعارضين؟ وهل قطر تخلو من المشاكل والأزمات؟ أين شعار الرأي والرأي الآخر؟ أين حرية الرأي المزعوم؟ أم إن الوضع كما قال حمد بن جاسم في أحد لقاءاته الإعلامية بأن قطر لا تلزمها ولا تشملها الدعوة للديموقراطية التي تروج لها في العالم العربي، فقطر كما قال لها ظروفها ولها مسار ديموقراطي خاص بها.

قطر بقناة الجزيرة تحاول جاهدة وبكل ما تملك من مال ووسائل وإمكانات ربط ما يحدث من اضطرابات في منطقة الشرق الأوسط بالحكومة السعودية، خاصة الأمير محمد بن سلمان، فهي من تمول الحملات ضد السعودية والأمير محمد بن سلمان في الإعلام الغربي وبعض القنوات والصحف العربية التي تدعمها بالمال، لدرجة أن فيصل القاسم - أحد مذيعي الجزيرة - عندما يخرج ضيف برنامجه ويتكلم عن موضوع بشكل لا يريده يقاطعه ويلقنه ما يقول، ويردد عليه بعض العبارات التي فيها شتم للسعودية حتى يبدأ هذا الضيف يشتم ويلوم السعودية حتى لو كان الموضوع عن ذوبان الجليد في القطب المتجمد الشمالي أو انقراض التماسيح من أنهار غابة الأمازون.

والتقارير التي تعرض على قناة الجزيرة اليوم وما يبث فيها من مقاطع وأخبار يشترط على من يظهر فيها أن يشتم السعودية وولي عهدها، وإن حصل وخرج وغرد أحدهم خارج السرب فسيحذف من التقرير والخبر تماما، فالمادة التي تقدمها الجزيرة مادة مؤدلجة وتريد الوصول لهدف واحد فقط.

ولعلي أختم بالتقرير الذي نشرته صحيفة كونسيرفاتيف ريفو الأمريكية عن ارتباط عدد من ضيوف قناة السي إن إن الأمريكية وموظفيها بالمال القطري، وهذا خير دليل على الدعم السخي واللا محدود من هذا النظام للحملات ضد المملكة، حيث إن الأشخاص الذين يتحدث عنهم التقرير لا ينفكون عن محاولة تشويه صورة المملكة في كل مناسبة يظهرون بها على القنوات الإعلامية.

@aiman_altamimi