شاكر أبوطالب

لكل عملية إصلاح.. فاتورة وثمن!

الاحد - 16 يونيو 2019

Sun - 16 Jun 2019

ما حدث قبالة سواحل الفجيرة وفي خليج عمان أجده أحداثا منطقية ونتيجة طبيعية لعملية الإصلاح التي تصدت لها المملكة العربية السعودية، لإعادة ترتيب شؤون المنطقة لدعم الاستقرار والسلام في الخليج والشرق الأوسط.

ومثل أي جسد يعاني عددا من الأمراض، فإن خطة العلاج تتخللها في الغالب أعراض مصاحبة ومضاعفات، نتيجة مقاومة الأمراض وممانعتها للزوال والتخلي عن مكاسبها في التغلغل والانتشار والسيطرة على أعضاء الجسد.

في إطار هذا السياق، من المهم جدا أن نضع في الحسبان احتمالية تكرار مثل هذه الأحداث في المستقبل، وربما تنامي مستوياتها على صعيد الكم والنوع والقوة والأثر، ليس رجما بالغيب، ولكن لأن القيادة السعودية عازمة وحازمة في إصلاح المنطقة وترتيب شؤونها، خاصة أن المنطقة وصلت إلى مفترق طرق، وبلغت نقطة اقتربت كثيرا من الانهيار وتعذر الإصلاح أيا كان حجمه أو من يقف خلفه.

لذلك فمن غير المقبول إطلاقا ألا نعير اهتماما لثمن ما تقوم به المملكة من عمليات إصلاح في الخليج والشرق الأوسط، وتصحيح المعادلة السياسية، وإصلاح ميزان القوى وفق قدرات الدول ومقدراتها، وليس بحسب القوى المضللة والخفية من إعلام ووسائل تواصل اجتماعي لبناء طابور خامس، أو استغلال الفراغ السياسي في أي دولة لتكوين ميليشيات طائفية وتزويدها بالمال والسلاح لنشر أعمال التخريب في الدول المجاورة.

لا شك أن المشاريع السياسية في المنطقة والعالم هي حق مشروع لكل دولة، شريطة ألا تكون ذات أفكار استعمارية، أو غايات توسعية، فذلك يتسبب بزعزعة الدول واحتلال مراكز القوى فيها والسيطرة على القرار السياسي فيها، والعبث باستقرار المنطقة، من خلال إثارة الطائفية ونشر التطرف، ودعم آلة الدمار وأعمال الفوضى.

فمنذ بداية الثمانينات الميلادية، ظهر عدد من المشاريع التوسعية في المنطقة، من ذلك محاولات دول مثل إيران وتركيا، ومشاكسة دويلات مثل قطر، تصدير فلسفتها وتنفيذ أجندتها لقيادة المنطقة وبسط النفوذ على دولها، واستقطاب الأفراد والشعوب بقدراتها المالية، وأذرعها الإعلامية المضللة، وبعثاتها المستترة تحت غطاء الأعمال الثقافية والتراثية، وتنظيماتها الإجرامية وميليشياتها الإرهابية.

في المقابل، مانعت العديد من الدول قيام هذه المشاريع التوسعية، وواجهت محاولات تنفيذها على أرض الواقع، وآمنت بحقها في الدفاع عن كياناتها ومصالحها السياسية، واجتهدت في نشوء تحالفات إقليمية ودولية ضد المشاريع التوسعية.

والتاريخ خير شاهد على قيم الخير والسلام واحترام الجوار التي تأسست عليها المملكة قبل تسعة عقود، ولا زالت مستمرة في ذلك، وكذلك بذل أقصى الجهود لنبذ التفرقة والعنصرية والطائفية، ومكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب، لضمان الحفاظ على وحدة المنطقة واستقرارها.

خلال الفترة الماضية تداولت معظم وسائل الإعلام العديد من التحليلات لما يحدث في الخليج، وقدمت سلسلة من القراءات المحتملة لما سيكون عليه الوضع مستقبلا في المنطقة، لكن الواضح بالنسبة لي هو أن المملكة لن تقف متفرجة ومكتوفة الأيدي، بل ستتعامل بحزم مع أي تهديد لأمنها واستقرار المنطقة، وسترد بقوة على أي ردة فعل صادرة عن مسؤولي أعمال العنف والتخريب والفوضى، لتمكين رؤية القيادة لبناء بيئة آمنة ومستقرة ومحفزة للتنمية والاستثمار في المملكة والخليج ومنطقة الشرق الأوسط.

shakerabutaleb@