علي الحجي

اضطراب الشخصية الحدية

الخميس - 13 يونيو 2019

Thu - 13 Jun 2019

يعد اضطراب الشخصية الحدية من أكثر الاضطرابات انتشارا، حيث تبلغ نسبة انتشاره 2% تقريبا من أي مجتمع، ويظهر بقوة في فترة المراهقة والشباب ثم يخبو تدريجيا مع التقدم بالعمر،ويعاني الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب من عدم استقرار انفعالي وصعوبة في تنظيم مشاعرهم، مما يسبب بدوره تقلبات مزاجية مدمرة وسلوكا اندفاعيا متهورا وعلاقات شخصية غير مستقرة، فهم يتنقلون بين كلمة «أحبك» و«أكرهك» بسرعة كبيرة، فتجد أحدهم اليوم يحب شخصا ويوصله لدرجة الملائكة، وغدا ينقلب عليه ويشيطنه، ويتهمه اتهامات على شاكلة أنه يستغله أو يكرهه، وربما يعود بعد فترة بسيطة للمحبة الأولى، كما أنه يمكن أن يجمع بين الحب والبغض للشخص نفسه، وكما يتنقل في مشاعره تجاه الأشخاص بسرعة، فإنه ينتقل أيضا في مبادئه واتجاهاته، فلا هدف محددا ولا هوية واضحة، فيدخل في موجة تدين شديدة ثم بعد فترة يغير اتجاهه، أو يبدأ في تكوين علاقات اجتماعية واسعة ومتعددة ثم يتحول للانطواء، متهما الناس بعدم الصدق وبالخيانة، وهو في الحالتين جاد وصادق.

كما يعاني من ضعف الثقة بالنفس، وشعور بقلة القيمة تصل إلى ميول انتحارية وأفعال إيذاء للذات، كأن يجرح نفسه، أو يخرب ممتلكاته، وهو كثير التململ لا يستطيع التعامل مع ظروف الحياة ولا تفهم طبيعتها المتغيرة التي تتطلب المرونة والصبر والتفهم والتأني في إصدار الأحكام.

الخطر الأكبر أنه قد تأتيه أفكار انتحارية فيندفع لها، فهي أكثر شخصية لديها محاولات انتحارية، لكن من النادر أن ينفذها، كما أنها أكثر الشخصيات إصابة بالأمراض النفسية كاضطراب ثنائي القطب (نوبات اكتئاب ونوبات ابتهاج)، وهو عند النساء يؤدي لمشكلات عائلية أكثر، وفي الرجال يؤدي لمشاكل إدمانية أكثر، وتقل علاقاته بشكل كبير فيحاول الآخرون الابتعاد عنه لأن العلاقة معه مزعجة، فهو يعيش دائما في مشاكله الوهمية، ولا يستطيع التعامل معه إلا شخص يحبه كثيرا ويعرف ما هي الشخصية الحدية فيتجاوز انفعالاته بحكمة وروية. المتعامل مع المصاب باضطراب الشخصية الحدية، سواء كان شريك حياة أو أخا أو صديقا، يحتاج للاطلاع على مظاهرها وكيفية التعامل معها، وفي حالة الثورة لا بد من التعرف على ما يحتاجه بالضبط، وعدم الانشغال بالمشتتات والفوضى التي يحدثها، كما ينبغي عدم مجاراته في إصدار الأحكام وتنبيهه أنه لا صح ولا خطأ، ولستم في محكمة، والأهم اللعب على الوقت بتأجيل القرارات إلى وقت آخر، لأنه سيتراجع غالبا عن معظم أفكاره وقراراته، ومن المهم جدا التعود على إعطاء مساحة كافية للسماع من الطرفين.

ولعلاج هذا الاضطراب يجب العرض على أخصائي نفسي بموافقة المصاب قبل أن تتفاقم الحالة وتتسبب بالضرر على جوانب حياتية لا يمكن إصلاحها، كخسارة الوظيفة، عدم استكمال التعليم، انهيار العلاقة الأسرية، الإدمان، الانتحار، وفي الغالب يكون العلاج بأساليب العلاج النفسي المتعددة، ولا يحتاج للعلاج الدوائي إلا نادرا إذا خيف عليه من الانتحار مثلا، فلا علاج دوائيا لاضطراب الشخصية الحدية حتى الآن، لكن تعطى الأدوية لتهدئة الأعراض المصاحبة إذا وصلت لدرجة عالية من الخطورة كعلاجات الاكتئاب والعدوان والقلق، وكذلك مضادات الذهان والعقاقير الموازنة للحالة المزاجية.

ومن الضروري عدم الالتفات للخرافات التي تعد هذه الأعراض أنماطا شخصية لا يمكن علاجها، أو الاعتقاد بأن تغيير البيئة لوحده سينهي المشكلة، أو ربطها بالدين والتربية والأخلاق، فالمريض لديه مشكلة في التعامل مع المشاعر وليس الأخلاق.

@aziz33