شاكر أبوطالب

السعودية.. قبة القمم وقِبلة الأمم

الاحد - 02 يونيو 2019

Sun - 02 Jun 2019

في غضون عامين فقط استضافت المملكة سبع قمم إقليمية ودولية، واحتضنتها على التوالي مدن الرياض والظهران ومكة المكرمة. الباعث الرئيس لانعقاد هذه القمم هو الوفاء بالمسؤولية التي أوجبتها مكانة السعودية، فهي مهبط الوحي، وأرض النبوة، وموطن اللغة العربية، وبلد الحرمين الشريفين، وقبلة المسلمين، وقلب العالمين العربي والإسلامي.

كما تمثل القمم السبع ضرورة يفرضها موقع المملكة الجغرافي الاستراتيجي للاقتصاد العالمي، فهي أهم بوابة للعالم بصفتها مركز ربط للقارات الثلاث: آسيا وأفريقيا وأوروبا، وكمحرك رئيس للتجارة الدولية، لتوسطها أكثر المعابر المائية أهمية للعالم.

وغاية هذه القمم تعزيز الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق الأمن والسلام في الدول الخليجية والعربية والإسلامية، وتوثيق التعاون العالمي لمواجهة كل التحديات الآنية والمستقبلية التي تهدد منطقة الشرق الأوسط. وهي الغاية التي تؤكدها البيانات الختامية للقمم.

ونجاح انعقاد القمم في المملكة دليل على نجاح القيادة الرشيدة في جمع الدول الخليجية والعربية والإسلامية للاجتماع والحوار بشأن التحديات والأزمات، والتوافق في المواقف منها. تمثل هذه القمم ترجمة لدور المملكة دولة داعية للسلام العالمي وراعية للأمن الإقليمي، ورائدة للتنمية المستدامة في الشرق الأوسط. وتجسيدا لنجاعة الدبلوماسية السعودية، وتعزيز مكانتها وأثرها وتأثيرها على الساحة الدولية.

إن دعوة المملكة لعقد القمم الدولية الخاصة بالشؤون السياسية والأمنية والاقتصادية للمنطقة، استشعار القيادة السعودية لعظم الأمانة، وشجاعة في تحمل هموم الدول وتطلعات الشعوب الخليجية والعربية والإسلامية، وترسيخ قواعد الشراكة في مواجهة التحديات، وتعزيز العلاقات الدولية، وحفظ الأمن والاستقرار العالميين.

على مدى تسعة عقود تواصل المملكة العمل وبذل الجهود على مختلف الأصعدة الإقليمية والعالمية، للمساهمة في إحلال السلام، والمبادرة لنشر قيم التعايش والاعتدال والتسامح، ومحاربة التطرف والإرهاب، حيث كانت من أولى الدول التي عانت منه، ولا تزال تخوض حربا لا هوادة فيها على التنظيمات الإرهابية. وفي كل محفل عالمي تجدد المملكة دعوتها المجتمع الدولي للتعاون في مكافحة الإرهاب باعتباره مسؤولية مشتركة تتطلب تضافر جهود الحكومات والمجتمعات في مختلف أنحاء العالم. ولأن المنطقة تمر بتحديات وتهديدات، سواء من التنظيمات الإرهابية التي تهدد الأمن الخليجي والعربي المشترك، أو من خلال مواصلة النظام الإيراني سياساته العدائية في رعاية تلك التنظيمات الإرهابية، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة.

فقد روجت بعض وسائل الإعلام المعادية أن السبب وراء انعقاد القمم الثلاث في مكة هو عدم قدرة المملكة على حماية أمنها ومصالحها. غير أن التاريخ وحده كفيل بالرد على مثل هذه الإدعاءات، فجميع الأزمات السابقة التي مرت بها المملكة والمنطقة أثبتت حكمة القيادة السعودية وقدرتها ليس فقط على حماية شعبها وأراضيها، بل وحماية أمن دول الجوار الشقيقة، والمحافظة على استقرار المنطقة.

وقبل القمم وبعدها أذكر بالمقولة الشهيرة للأمير سعود الفيصل، يرحمه الله، «إننا لسنا دعاة حرب، ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها». فالتاريخ العالمي يوثق مبادرة الدبلوماسية السعودية وريادتها في خدمة المصالح الخليجية والعربية والإسلامية، واحترام سيادة الدول وشؤونها الداخلية، وبأن قادة المملكة هم في مقدمة دعاة الخير والسلام.

shakerabutaleb@