عبدالله الأعرج

السعودية.. همم تسبق القمم

الاحد - 02 يونيو 2019

Sun - 02 Jun 2019

لم يكن مشهد القمم الثلاث على صعيد مكة الطاهر وفي شهر رمضان المعظم سوى الفصل الأخير من عمل دؤوب وحراك سعودي رائد لخير الإنسانية في مشاهدها المتعددة: الوطنية والخليجية والعربية والإسلامية والعالمية.

حراك بهذا القدر والقدرة وترقب دولي لما سيسفر عنه هذا التجمع المهيب يعكس بجلاء الثقل النوعي الذي تتمتع به المملكة العربية السعودية على مستوى العالم، ويزيد من المسؤولية الثقيلة التي كانت وما زالت قدرا لهذا البلد المبارك في نصرة الحق وتحقيق العدالة وخلق الموازنات الإقليمية والدولية لخير الإنسان، في عالم يموج بالارتباك والتبدل والتبلد أحيانا تجاه قضايا مصيرية ذهبت بكثير من الأرواح وأتلفت المقدرات، نتاج نزوات وأيديولوجيات تخلو من الإنسانية حينا ومن التعقل والبصيرة حينا آخر.

وها هو القلب الكبير والعقل المتزن والنداء المعتدل، ها هو الأب الحازم والحاني في ذات الوقت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يسير في طريق والده جلالة المؤسس وإخوانه الملوك رحمهم الله جميعا عند الملمات، واضعا العالم بأكمله أمام حقائق واستحقاقات توجب التشاور والتباحث، تمهيدا لصنع قرارات يجني الجميع خيرها دون استثناء، وينعم بها الإنسان سلما وازدهارا ورخاء.

وحين تلي البيان الختامي لقمم مكة حصحص الحق، وظهر دون عناء مدى ما تحمله المملكة من هم الأمة جمعاء والمجتمع الدولي حيال القضايا المصيرية، ومنها قضية فلسطين وأمن الخليج والإرهاب الدولي وقضايا التعايش والسلم، ليبرهن للعالم أجمع أن هذه الدولة المباركة لم تأخذها مسيرة تنميتها الداخلية وملحمة التطوير عن القضايا العالمية الكبرى، وأن الكبير في عزمه وهمته يظل كبيرا في صنع توازن بين الشؤون الداخلية والالتزامات الخارجية.

وبأمثلة لا تقبل المزايدة، فإن همة قيادتنا الرشيدة واهتمامها انعكسا بجلاء في إعلان مكة المكرمة الصادر عن الدورة الـ 14 لمؤتمر القمة الإسلامية في مواقف عدة، منها: العمل الإسلامي المشترك (هم الأمة)، القضية الفلسطينية والاحتلال للأراضي العربية منذ عام 1967 (هم عربي وإسلامي محوري)، قضايا نبذ الإرهاب والعنف والتطرف (هم دولي)، نبذ التمييز على مختلف أسسه العقائدية والعرقية (هم دولي)، رفض الطائفية والمذهبية (هم إسلامي)، الإعلام ودوره المحوري في التقريب بين الإخوة وليس التغريب والإبعاد والتفرقة (هم عربي وإسلامي)، الوقوف مع المضطهدين والمقهورين من المسلمين في الدول غير الإسلامية (هم إسلامي)، استشعار الدور المهم لمنظمة التعاون الإسلامي، وأهمية المواكبة للتطورات الدولية من خلال رفع أداء أجهزتها وتطويرها (هم إسلامي).

كما أن القمم الكبيرة أكدت أن استهداف منشآتنا النفطية أو الاعتداء على الملاحة البحرية لا يعدان تهديدا للمملكة وحدها فحسب، بل هما تهديد لتدفق الإمدادات الحيوية للعالم بأسره، وأن المساس بهذا الجانب هو خط أحمر يجب عدم التهاون معه أو الاستهانة به، ولا سيما أن الإمدادات البترولية تظل ركنا أساسيا في تطور البشر وأساسات الصناعة وتلبية احتياج البشر من المنتوجات المختلفة.

باختصار، المملكة العربية السعودية أعادت بهذه القمم الثلاث التأكيد على أن هذا البلد بكل مكوناته (الجيوسياسية Geopolitics) وباتزان قيادته وحكمته ودوره المحوري في الاقتصاد العالمي وخيرية شعبه وأصالته والتفافه حول قيادته سيظل مهوى أفئدة القادمين، وملاذ الخائفين ونصير المستضعفين في كل وقت وفي كل حين.

dralaaraj@